بقلم: حسين نظير السنوار

العراء وحده، كان مأوى آلاف النازحين الذين تقطعت بهم السُبل وقذفتهم في الهواء ليلة ثانية، بعد أن مزقت عواتي الرياح خيامهم وأجبرتهم على السهر في ظلمة ليل حالك وبرد نخر عظامهم.

فالخيام التي بناها النازحون هربًا من الحرب وجحيمها خذلتهم بعدما تمزقت من عوامل التعرية في الصيف، وبعد أن أعادوا ترميمها خانتهم الرياح الشتوية واقتلعتها من جذورها، وتركتهم يواجهون برد ليال الشتاء بأجساد شبه عارية تسترها بعض الملابس الخفيفة التي لا تقي من البرد.

يقول المواطن محمد صافي: "لم ينم أطفالي ليلتهم وهم يصرخون ويبكون من شدة البرد الذي نهش أجسادهم بعد اقتحام الشتاء خيامنا التي طارت من الرياح التي هبت ولم تتوقف منذ عدة أيام".

ويضيف: "لقد تفاجأت رغم الأخذ بالأسباب تثبيت الخيمة بشكل جيد، لكنها طارت وأصبحنا نلتحف السماء ونفترش الأرض المبللة بمياه المطر، الممزوجة بمياه الصرف الصحي التي تملأ الطرقات، ولا أحد يستجيب لنداء حناجرنا التي بحت وهي تستغيث".

بينما يقول المواطن فضل العباسي: "لقد سهرت طوال ليلتين لأصلح الخيمة كلما تمزق منها شيء بسبب الرياح التي تضربها من كل جانب. طوال الليل لم أشعر بأطرافي التي تيبست من شدة البرد".

وتابع: "كلي أمل أن تفتح المعابر وأن يتم إدخال البيوت المتنقلة لأحصل على أحدها لأعيش فيه، منتظرًا بعين الأمل القريب أن يتم الإعمار ويبنى بيتي الذي دمرته آلة الحرب الإسرائيلية التي طالت كافة مناحي الحياة الغزية لمدة زادت عن 470 يومًا متتالية".

فيما يقول المواطن علام عبد الله: "لأول مرة في حياتي أقف عاجزًا أمام أي أمر يواجهني ولم أستطع حله، فقد وقفت أمام بقايا الخيمة المقتلعة من الرياح، ولم أتمكن من إعادة إصلاحها من شدة الرياح التي تلقيها يمنة ويسرى ولم تعد تستقر في مكانها لأتمكن من تثبيتها".

ويضيف: "لقد سكنت الدموع عيني وأنا أنظر لزوجتي وأطفالي ووالدي، ولم أعد قادرًا على حمايتهم من برد الليالي القارسة التي اقتلعت خيمتي وأسكنتني العراء ليلتين متتاليتين".

أما خالد مطر فيقول: "أجبرتني لحظات العيش في العراء بعد اقتلاع وتمزق الخيمة من الرياح، على الذهاب إلى بيت أحد أقاربي لقضاء هذه الأيام شديدة البرد عندهم. انتظر بفارغ الصبر أن يتوقف هذا المنخفض لأتمكن من إعادة إصلاح وتركيب الخيمة من جديد حتى لا أكون عالة على الآخرين".

وأردف: "لقد سأمنا الحياة وأرهقتنا أيام وليالي الحرب. أصبحنا نخشى الليل وظلمته لما فيه من مآسي وسهر بعد أن كان ملاذًا للراحة والطمأنينة، فنحن لم نعد نقوى على حماية أنفسنا وأطفالنا".

يُشار إلى أن قطاع غزة يواجه وضعًا إنسانيًا وصحيًا كارثيًا بفعل الحرب وحرمان المواطنين من الحصول على أدنى متطلبات حياتهم الإنسانية اليومية.

وتشير مصادر محلية وأممية إلى أن مئات الآلاف من المواطنين في قطاع غزة باتوا بلا مأوى ولم تعد خيامهم المهترئة تحميهم من برد وأمطار الشتاء.

وطالبت مؤسسات حقوقية محلية ودولية بالضغط على إسرائيل وإجبارها على فتح المعابر والسماح بدخول الخيام والبيوت والمتنقلة، لإيواء من أصبحوا بالعراء وتنهش أجسادهم الرطوبة والبرد والأمراض.