بقلم: هدى حبايب
بعد إحد عشر يومًا من العدوان الإسرائيلي، يعيش مخيم طولكرم، واقعًا مأساويًا من الدمار والتهجير والمعاناة الإنسانية.
ومنذ اليوم الأول للعدوان، فرض الاحتلال حصارًا خانقًا على المخيم، وأغلق مداخله الرئيسية وعدد من الطرق المؤدية إليه، ونشر قناصته في كل مكان، ما أدى إلى شل الحركة الحياتية بشكل عام.
كما اقتحمت قوات الاحتلال حارات المخيم وأزقته، مستهدفة منازل المواطنين باستخدام المتفجرات والجرافات الثقيلة، الأمر الذي أسفر عن تدمير كامل بالطرقات والبنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة، مما عمق من معاناة المخيم ومن تبقى فيه من السكان.
ونتيجة هذا العدوان نزح آلاف السكان قسرًا من المخيم، بعد تهديدهم بالسلاح من قبل الاحتلال الذي دمر منازلهم وجعلها غير صالحة للسكن.
محافظ طولكرم عبد الله كميل، أوضح أن 85% من مجمل سكان مخيم طولكرم أجبرتهم قوات الاحتلال على النزوح من المخيم.
وبين أن التقرير المحدّث للنازحين قسرًا خارج المخيم بسبب العدوان منذ تاريخ 27 كانون الثاني/يناير الماضي وحتى اليوم، يشير إلى نزوح ما يقارب (10450) فردًا من مختلف الأعمار، بمعدل يقارب (2105) أسر وقد تبقى (400) أسرة داخل المخيم.
وأشار إلى أن "مناطق توزيع النازحين من أهلنا بمخيم طولكرم حسب الأسر وممن نزحوا عند الأقارب والمعارف كما هو موضح بالأرقام، حيث نزح إلى حي الرشيد في ضاحية ذنابة (300) فرد، و(2500) فرد نزحوا إلى عزبة أبو بلال وعزبة أبو ياسين واكتابا، فيما وصل إلى ضاحية العزب (2000) فرد، ووصل إلى ضاحية شويكة (200) فرد، وضاحية ارتاح (100) فرد، وإلى الحي الشمالي بطولكرم (250) فردًا، وإلى الحي الغربي (400) فرد، والى الحي الشرقي (600) فرد، والجنوبية (350) فردًا، فيما توزع عدد من النازحين في عدة بلدات كان منها عتيل ودير الغصون وزيتا وعنبتا وبلعا وبيت ليد وتجمعات أخرى على مستوى المحافظة".
وتحدث كميل عن الجهود المبذولة والمستمرة من خلال لجنة الكرامة والإغاثة، والتي تتابع احتياجات من أجبروا على النزوح من المخيم، عبر توفير الاحتياجات من الفرشات والأغطية، والمواد الغذائية والأدوية، وفوط الأطفال والحليب، والأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، وغيرها من الاحتياجات، علاوة على الفرق التي تقوم بالخدمة في مراكز الضيافة المنتشرة على مستوى المحافظة.
وقال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة: إن "الأوضاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم مع استمرار العدوان على المخيم وإطباق الحصار عليه".
وأضاف: "إن صورة المخيم الآن هي منازل مدمرة كليًا أو جزئيًا، وأخرى محترقة وبعضها تعرض للتفجير"، مشيرًا إلى أن ما يقارب 300 مبنى يضم منازل وشقق تسكن فيها عشرات الأسر قد دمرت واحترقت كليًا، وأن ما يقارب 2000 منزل لحق بها أضرار جزئية، بتدمير واجهاتها الأمامية وأبوابها، واتلاف محتوياتها كافة من الغرف الداخلية والأثاث.
ووصف سلامة، الوضع الإنساني في المخيم بـ"المأساوي"، حيث ما زال الاحتلال يحاصره ويمنع ويعيق مركبات الإسعاف وطواقمها، خاصة طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، من إيصال الخدمات الانسانية للسكان.
وصرح أن حارات المخيم أصبحت فارغة، ومن تبقى يقطنون على أطراف المخيم، مشيرًا إلى أن عدد من تبقى يتراوح ما بين 3-4 آلاف نسمة، يتهددهم الخطر.
وحذّر من تفاقم الوضع المأساوي لمن تبقى من السكان داخل المخيم، الذين يعيشون في ظروف صعبة جدًا، ويعانون من نقص حاد في حليب وفوط الأطفال والطعام والمياه والأدوية، وسط انقطاع لشبكات الكهرباء والمياه والاتصالات بعد تدمير البنية التحتية.
كما وخلف العدوان الاسرائيلي على المدينة ومخيمها أربعة شهداء منهم ثلاثة من المخيم وهم وحيد عمر ماضي الذي تم تشييع جثمانه يوم الأربعاء، ورامز بسام ضميري وايهاب محمد عطيوي، وأكثر من 25 إصابة، إضافة إلى اعتقالات واسعة طالت العشرات من أبناء المخيم والمدينة وضواحيها.
وقال مدير مكتب نادي الأسير الفلسطيني في طولكرم إبراهيم النمر: إن "قوات الاحتلال وطوال فترة العدوان تشن حملات اعتقال واسعة بحق المواطنين، طالت حتى الآن أكثر من مئة مواطن من أعمار مختلفة، يتعرضون للتنكيل والإهانات".
وأضاف: إن هذه الحملة طالت المرضى والجرحى، كما حصل مع الشاب محمد تيسير عمران الذي اعتقلته قوات الاحتلال من داخل طوارئ المستشفى، وكان يعاني من وعكة صحية، وهو جريح كان قد أصيب برأسه في قصف سابق لطيران الاحتلال في المخيم، عدا عن احتجاز الاحتلال للعشرات لساعات طويلة، بمن فيهم طواقم الإسعاف أثناء تأديتها لواجبها الإنساني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها