بقلم: مها الشيخ

شدد الاحتلال الإسرائيلي منذ دخول إعلان وقف إطلاق النار في غزة، حيز التنفيذ، إجراءاته العسكرية في الضفة الغربية، عبر نصب الحواجز والبوابات الحديدية عند مداخل القرى والمدن الفلسطينية، ما أدى إلى تكدس المركبات والمواطنين عند الحواجز وتعطيل أعمالهم.

يقول أحد الموظفين: "خرجت من رام الله أمس عند الرابعة مساءً، متوجهًا إلى بلدتي التي يحتاج الوصول إليها في الوضع الطبيعي إلى 30 دقيقة، إلا أنني لم أتمكن من الوصول إلا عند التاسعة مساءً، ومع ذلك قد أُحسد على أني وصلت بهذه السرعة".

ويضيف: بأنه قد سلك طرقًا طويلة جدًا من أجل الوصول إلى منزله، فالحواجز منتشرة عند كل المخارج، والبوابات الحديدية مغلقة، ولا يمكن إلا أن يعرقلك حاجز على الأقل، وهناك كل صنوف المعاناة، والانتظار الطويل الذي يمتد لساعات طويلة جدًا، فالبعض قد يحتاج إلى أكثر من عشر ساعات للوصول إلى بيته، مع أنه لا يحتاج إلى أكثر من نصف ساعة في الوضع الطبيعي.

ووصل عدد الحواجز والبوابات الحديدية، التي نصبها جيش الاحتلال في الضفة إلى 898 حاجزًا عسكريًا وبوابة حديدية، منها 18 بوابة حديدية نصبها الاحتلال منذ بداية العام الجاري 2025، منها 146 بوابة حديدية نصبها الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

يقول المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور: إن "خطط الاحتلال لا تقتصر على غزة فقط، بل هناك أطماع في الضفة أيضًا، موضحًا أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أصبح بإمكانه إسقاط الحكومة بعد استقالة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، فهو يمتلك قوى سياسية يدفع من خلالها باتجاه تسريع تمرير مخططات الاحتلال تجاه الضفة".

وأضاف: أن سموتريتش يعتقد أن إغلاق الحواجز العسكرية وشن الحملات العسكرية على محافظات الضفة استكمال لمشروع الاحتلال في حسم الصراع الذي كان يخطط في غزة لتهجير المواطنين وتحويل القطاع إلى منطقة طاردة وغير قابلة للحياة، من خلال تدمير البنية التحتية فيه، ويحاول الاحتلال في الضفة العمل على إفقارها من خلال تقطيع أوصالها وحشر المواطنين وتحويلها إلى سجن كبير.

وأشار إلى أن الحواجز تؤثر في حركة المواطنين والتجارة والأعمال والتواصل، وبالتالي تتحول الضفة إلى مكان غير قابل للحياة، وهذا شكل من أشكال الترحيل الصامت، كما يهدف الاحتلال.

وبين منصور، أن الهدنة في غزة أتاحت للاحتلال التنفس، ونشر قوات أكبر في الضفة، وبالتالي بإمكانه فتح جبهة جديدة، تنفيذًا لقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" باعتبار الضفة جزءًا من أهداف الحرب.

وعن تأثير الحواجز في الحالة الاقتصادية، قال المدير العام لغرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة صلاح حسين: إن "الحواجز تؤثر في وصول البضائع وعملية توزيع المنتجات في أسواق الضفة الغربية، حيث إن الشاحنات تنتظر أكثر من سبع ساعات على الحاجز، ما يعيق وصول البضائع بشكل كبير إلى المحافظات الأخرى، ومعظم الشركات توزع منتجاتها في أسواق المدن الأخرى، وأحيانًا تعود الشاحنات عندما تكون المنتجات معرضة للتلف مثل: المواد الغذائية والأدوية، خشية من أن تتلف على الحواجز".

وأضاف: أن 80% من الشركات تقول إن الحواجز تؤثر في حركة التسوق داخل المدن، لأن مراكز المدن تعتمد على المحيط والقرى، والحواجز تعيق وصول المواطنين إلى مراكز المدينة، الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير في معدل المبيعات خاصة في أسواق المدن الرئيسية.

وتابع حسين: أن جزءًا من المدن الفلسطينية كانت تعتمد على السياحة الداخلية حيث كان يأتي أهالي الـ48 للتسوق من تلك المدن، ولكن اليوم في ظل الحواجز لا يستطيعون الوصول.

ورصدت دراسة عن غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة، مؤشرات اقتصادية لتأثير الحواجز والإغلاقات المتكررة بين المحافظات في الحالة الاقتصادية في محافظة رام الله والبيرة، مشيرة إلى أن 50.2% من المنشآت المستهدفة أفادت بأن الحواجز والإغلاقات المتكررة أثرت في قدرتهم على الوصول إلى الأسواق والعملاء والموردين.

وأعربت 48% من المنشآت المستهدفة أن الحواجز والإغلاقات المتكررة أثرت في قدرة الزبائن على الوصول إلى الأسواق، وفق الدراسة.

وأفادت 51.5% من المنشآت المستهدفة بأن الحواجز والإغلاقات المتكررة أدت إلى انخفاض الإنتاجية الإجمالية للمنشأة، و51% من المنشآت المستهدفة قالت إن الحواجز والإغلاقات المتكررة انعكست سلبًا على المبيعات.

ولليوم الثالث على التوالي، شددت قوات الاحتلال إجراءاتها العسكرية عند معظم مداخل المحافظات ومخارجها في الضفة الغربية.

يُذكر أن الاحتلال يحاول تفجير الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، تمهيداً لخلق حالة من الفوضى والعنف، لتسهيل ضمها، وهو ما تجلى في الهجمات الوحشية التي يرتكبها المستعمرون ضد المواطنين، وبلداتهم، وممتلكاتهم، ومنازلهم، وأراضيهم، ومقدساتهم، في المحافظات كافة.