بقلم: طارق الأسطل
تلاشت الفرحة لدى الكثير من النازحين في خان يونس بالعودة إلى منازلهم في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، بعد إعلان وقف إطلاق النار، بسبب الدمار والخراب اللذين لحقا بها، ليعودوا أدراجهم، وخيبات الأمل تعتريهم.
حزموا أمتعهم وهُرعوا مشيًا على الأقدام إلى أماكن سكنهم، ليجدوا حطامًا وخرابًا، وركامًا، ووجعًا كبيرًا يروي ما جرى من مجازر وجرائم إبادة، ليُصدموا بحرب جديدة من نوع آخر، وهي الصراع مع الواقع المرير، وصدمة فقدان الأحباء تحت الركام.
جميع سكان رفح يُجمعون أن مدينتهم تحولت إلى ركام وحطام بفعل عدوان الاحتلال الوحشي، فلم يسلم حجر، ولا بشر، حيث أبيدت أحياء بكاملها، ودُمرت البنية التحتية، وجُرفت الشوارع، فأصبحت المدينة غير صالحة للحياة.
هكذا هو حال المواطن عادل حمد من سكان مدينة رفح، حينما اضطر إلى الرجوع إلى مكان نزوحه في مواصي خان يونس، ليستقر فيه، بعد أن وجد منزله كومة من الحجارة، بفعل اجتياح الاحتلال للمدينة على مدار ثمانية أشهر.
قبل نزوح حمد، استُشهدت ابنته البالغة من العمر (14 عامًا)، في قصف استهدف مخيمًا للنازحين في منطقة بركسات الوكالة غرب رفح، فيما أصيب نجله بجروح بالغة، وهو وزوجته بجروح متوسطة.
يقول حمد: "لا حياة في رفح، كل شيء مدمر، المنطقة التي أسكن فيها مُسحت عن بكرة أبيها، وكأن زلزالاً بقوة كبيرة دمر كل شيء، فالعودة مستحيلة في الوقت الراهن حتى تتم إزاحة الركام، وتوفير المقومات الأساسية، وتهيئة البنية التحتية".
وحاول حمد (59 عامًا) الذي يقطن في منطقة يبنا شرق رفح، أن يبحث عن أي شيء يخصه من تحت أنقاض منزله، ولكن دون جدوى، فتبقى الحجارة هي الذكرى الأخيرة.
المواطن أكرم شبانة (43 عامًا) من سكان تل السلطان، يضطر هو الآخر بعد فقدان منزله إلى العودة إلى مواصي خان يونس، ويصف ما حل به بـ"الكارثة".
ويقول: "عندما ذهبت إلى المنطقة التي أسكن فيها، لم أتعرف إلى مكان منزلي، بعد قصف وتجريف كاملين للمنطقة، حيث جميع المنازل سُوّيت بالأرض. لا أستطيع وصف الدمار الذي حل بالمنطقة".
وتابع: "الأمر فظيع، كنا على أمل أن نرجع إلى رفح بعد أكثر من ثمانية أشهر من العذاب والألم، لنتفاجأ بما هو أشد إيلامًا، فلا توجد حياة في هذه المنطقة".
ويحاول أن يخفف وطأة ما حصل، بالقول: "لدي طفلة مريضة بضمور في المخ، وهي بحاجة إلى رعاية ومتابعة طبية بشكل مستمر، والمكوث في خان يونس سيساعدني على علاجها".
ويصف المواطن مدحت حسان (35 عامًا)، هو الآخر ما حدث لمنزله بالكارثة، ويقول: "اختفت معالم منطقتي في حي البرازيل، فلم أتعرف إلى مكان منزلي، ولا الشوارع المؤدية إليه، وسأبقى إلى حين تتهيأ ظروف للعودة".
من ناحيته، قال المواطن خليل النيرب: "إنه قرر في اليوم الأول من وقف إطلاق النار العودة والمكوث في مواصي خان يونس، بعد أن شاهد دمار منزله والمنازل المجاورة، والشوارع، والبنية التحتية بالكامل".
وأضاف النيرب (63 عامًا) من سكان مشروع عامر شرق رفح: "أن أغلبية المواطنين من سكان رفح عادوا إلى خيامهم في مواصي خان يونس، وهم يعتصرهم الألم والحزن، بعد أن شاهدوا منازلهم تحولت إلى رماد".
وأشار إلى أن الأشهر الثمانية لاجتياح مدينة رفح، لم يترك الاحتلال حجرًا ولا شجرًا ولا حيوانًا إلا دمره وجرفه وقتله، واختتم بالقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل".
وفور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الأحد الماضي، حاول المواطنون من سكان رفح التوجه إلى أماكن سكنهم، بيد أنهم تفاجأوا بحجم الدمار الهائل الذي لحق بمنازلهم، والبنية التحتية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها