تقرير: جويد التميمي
أثارت جريمة إعدام الشاب عمر البدوي في مخيم العروب شمال الخليل برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس، جملة من التساؤلات بين الفلسطينيين، حول موقف المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان وعدم الاستجابة لكل النداءات الفلسطينية المطالبة بتوفير الحماية الدولية لشعبنا.
ولكن الواضح لدى الفلسطينيين أن إسرائيل ماضية في سياسة الإمعان والقتل خارج إطار القانون، فيما يتمتع جنودها بحصانة تحميهم من المساءلة وتتسبب في تنفيذ أحكام وهمية صورية في بعض الحالات.
جنود الاحتلال يطلقون النار بقصد القتل في المدن والقرى والمخيمات، وعلى حواجز الموت وفي الطرقات والأزقة، كان آخرها إعدام البدوي (22 عاما)، بإطلاق النار عليه مباشرة بدم بارد أمام منزله، ومنع إسعافه وتركه ينزف بلا علاج.
والدة عمر التي غمرت الدموع وجنتيها، لم تستطع الحديث لكنها كانت تردد "حبيبي يا عمر روحي يا عمر" وتضرب بكفيها من شدة وجع وألم الفراق، وبقلب يعتصره الألم والحزن والأسى قال هيثم والد الشهيد عمر (53 عاما)، "حين استهدف جنود الاحتلال حبيب قلبي وفلذة كبدي عمر كنت خارج البيت، عمر كان يعمل في اصلاح البلاط داخل منزلنا، عرفه المخيم بأخلاقه وحسن تربيته كما جميع اشقائه احمد وباسل وشروق وجهاد ومرام، كان معطاء يحترم الكبير ويعطف على الصغير ما جعله حبيبا لكل الذين عرفوه.
وبصوت خافت تابع والد الشهيد حديثه، "هذه جريمة إعدام، انهم يتلذذون بقتلنا، شقيقي نور (27 عاما) حاول اسعاف عمر برفقة من تواجدوا في المكان من صحفيين وغيرهم، الا ان جنود الاحتلال باغتوهم بمزيد من طلقات الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، فأصيب في ساقه، لكنه قاوم إصابته وانشغل في انقاذ عمر الذي منعت سيارات الاسعاف من الوصول اليه حتى فارق الحياة في المستشفى لاحقا.
طارق (25 عاما) ابن عم الشهيد عمر وجاره الذي تواجد في المكان اثناء استهدافه روى بحرقة تفاصيل الجريمة وقال: "إحياء لمناسبة الذكرى 15 لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات، دارت مواجهات داخل المخيم بين الشبان وجنود الاحتلال، انا وعمر نقطن مقابل البرج العسكري المقام من قبل سلطات الاحتلال على الطريق الرئيسية القدس- الخليل في المخيم، جنود الاحتلال دخلوا شوارع وازقة المخيم وهم يطلقون الرصاص والقنابل، ونشب حريق في بيتنا وعلى واجهة بيت عمر واطلاق الرصاص لم يتوقف، كان عمر يصرخ: حريق حريق، وخرج وهو يحمل منشفته البيضاء مهرولا لإطفائه، حاولت الخروج من المنزل وانا اتفقد بناظري خارجه، فإذا بعمر يسقط على الارض، صرخت علي والدتي: عمر تصاوب عمر انطخ، حاولت الخروج مرة اخرى لكن اطلاق الرصاص كان في ازدياد، وكان الجنود في محيط منزلينا، وبعد برهة من الوقت ابتعد الجنود قليلا فخرجت انا لإنقاذ عمر وتواجد معي عدد من الصحفيين ومن اهل المخيم".
تابع: "حملنا عمر بمركبة خاصة وتوجهنا به لعيادة المخيم، كان يصرخ "ظهري بوجعني ظهري"، كنت انا اضغط على صدره لإيقاف نزيف الدم، وحين وصلنا العيادة وبدأ المسعفون عملهم تبين أن الرصاصة دخلت من صدره وخرجت من ظهره، وفي وقت لاحق نقل عمر الى المستشفى الاهلي بمدينة الخليل، لكنه فارق الحياة".
من جانبه أكد الباحث الميداني لمؤسسة الحق في محافظة الخليل هشام الشرباتي أنه لم يكن هناك أي مبرر لإطلاق النار على عمر، ولم يشكل خطرا على حياة الجنود، وهذا ظهر جليا في الفيديو الذي نشر عقب استشهاده، متسائلا: هل ستتخذ سلطات الاحتلال إجراءات لمعاقبة جنودها الذين يقتلون الفلسطينيين بدم بارد، لتجنب تكرار حادثة عمر مستقبلا، تجربتنا نحن من خلال متابعاتنا لمثل هذه القضايا والاحداث تؤكد ان قوات الاحتلال تعطي غطاء كاملا لجنودها الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم، وفي الحالات التي حول جنود الاحتلال الى محاكمهم الاسرائيلية لم يتعد الحكم عليهم بضعة اشهر، وفي المقابل يحكم الفلسطيني بالمؤبدات اذا قتل اسرائيليا.
وتابع: "فور اعلان استشهاد عمر ذهبت لموقع استشهاده امام منزله في مخيم العروب واجريت تحقيقا ميدانيا "كان الجندي حين اطلق الرصاص يبعد عن عمر 15 مترا تقريبا، وكان واضحا ان عمر يحمل بيده منشفة ولم يشكل على الجنود أي خطر يذكر، لكن الحماية التي تفرضها وتوفرها سلطات الاحتلال لجنودها تحفزهم على القتل بدم بارد واستهداف كل ما هو فلسطيني دون ادنى مسؤولية".
وأعادت جريمة إعدام عمر إلى الاذهان صورة اعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف، حيث اظهر شريط فيديو آنذاك جنديا إسرائيليا وهو يطلق الرصاص من مسافة قريبة جدا صوب رأس الشاب الشريف (21 عاما) وهو مصاب وملقى على الأرض في تل الرميدة وسط الخليل، ما أدى لاستشهاده بتاريخ 24-3-2016م، كما استشهد في الحادث نفسه الشاب رمزي التميمي (21 عاما).
وعقب محاكمته الصورية وسجنه لمدة 9 أشهر، صرح جندي الاحتلال الإسرائيلي أليئور أزاريا الذي قتل الشريف، انه ليس نادما على جريمته التي ارتكبها، وأنه سيعيد الكرّة مرة أخرى لو عاد به الزمن إلى الوراء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها