بقلم: زهير طميزة

في مشهد يعكس قسوة الاحتلال الإسرائيلي واستمراره في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، ارتقى الشهيد ناصر خليل ردايدة (47 عاماً) من بلدة العبيدية شرق بيت لحم، داخل سجن عوفر، السبت، بعد معاناة طويلة مع الإهمال الطبي المتعمد وسلسلة من الانتهاكات منذ اعتقاله في أيلول الماضي.

بدأت قصة ناصر عندما أطلق جنود الاحتلال النار عليه بتاريخ 18 أيلول 2023 قرب حاجز "مزموريا" القريب من بيت ساحور، بزعم الاشتباه بنيته تنفيذ هجوم ضد جنود الحاجز. ورغم إصابته برصاصتين في الساق والخصر، اعتقلته قوات الاحتلال ونقلته للتحقيق وهو مصاب، قبل أن يبدأ رحلة من الإهمال الطبي والتعذيب النفسي والجسدي خلف القضبان.

ومع اندلاع العدوان الإسرائيلي الشامل في السابع من تشرين الأول 2023، تم نقل ردايدة من المستشفى إلى السجن دون استكمال علاجه، حيث تدهورت حالته الصحية بشكل كبير. ورغم مناشدات العائلة المتكررة للمؤسسات الحقوقية والإنسانية لإنقاذ حياته، تجاهلت سلطات الاحتلال تلك المطالب، وواصلت حرمانه من الدواء والعناية الطبية والغذاء.

يقول زيد ردايدة، نجل الشهيد ناصر: "إن العائلة تمكنت من زيارته مرة واحدة فقط في شباط الماضي، وكانت حالته الصحية سيئة جداً"، مشيراً إلى أن والده كان يعاني من آلام شديدة وضعف عام وإهمال كامل من إدارة السجن.

ويضيف: "كنا نعلم أنه يموت ببطء، وصرخنا كثيراً، لكن لم يسمعنا أحد". وجاء نبأ استشهاده كصدمة للأسرة التي كانت تأمل أن تراه حراً يوماً ما، لا أن تستقبله جثماناً.

وأكد رئيس جمعية الأسرى المحررين في بيت لحم، محمد عبد ربه، أن الشهيد ردايدة هو الأسير السابع من أبناء محافظة بيت لحم الذي يستشهد داخل سجون الاحتلال، مشيراً إلى أن الاحتلال يحتجز جثامين خمسة منهم حتى اليوم. وسبق ناصر إلى الشهادة كل من: محمد السراج من الدوحة، ومحمد جبر وعلي الجعفري من مخيم الدهيشة، ونصار طقاطقة من بيت فجار، وكاظم زواهرة من بيت تعمر، وداوود الخطيب من مدينة بيت لحم.

وبحسب بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، فقد استشهد ما لا يقل عن 65 أسيراً داخل سجون الاحتلال منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، ليرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 302 شهيداً منذ عام 1967، في ظل استمرار سياسات التعذيب والإهمال الطبي والقمع.

الشهيد ناصر ردايدة، العامل البسيط في مجال البناء، ترك خلفه زوجة مكلومة، وابناً وسبع بنات، أصغرهن لم تتجاوز السادسة من عمرها، دون أن تتاح له فرصة الوداع أو كلمة أخيرة.