من الطبيعي أن يكون لنا فلسطينيا أولوياتمتقدمة، نشترك فيها جميعا بصفتنا شعب له وجود وحقوق، وأن تكون هذه الأولويات في كلمرحلة هي التي لا يسبقها شيء، ولا يفوق قداستها أي شيء على الإطلاق فما هي أولوياتناالآن ؟

من البديهي في الإجابة عن هذا السؤالأن لا يكون هناك أي نوع من التشويش أو الارتباك أو الاختلاط، لأن أولويتنا الأولى هيانبثاق كياننا الوطني الذي أهدر بفعل النكبة قبل أكثر من أربع وستين سنة، وكنتيجة لإهداره،فقد تبعثرت هويتنا الوطنية، واعتدي عليها، وذاق الفلسطينيون في مخيمات ومواقع الشتاتما لا يحصى من ألوان العذاب .

وهكذا فإن أولويتنا الأولى المقدسةهي إعادة انبثاق كياننا الوطني، أي الدولة الفلسطينية المستقلة، وحتى تكون هذه الدولةبمستوى شعبنا أو بمستوى الجرح والعذاب والتضحيات، فلا بديل عن أن نكون في فلسطين، فلسطينوحدها من بين فجاج الأرض، فلسطين أولأ وآخرا، فلسطين في السر والعلن، فلسطين في الغرفالمغلقة وفي المنصات المفتوحة !!! ليس في سيناء، ولا في أي موقع بديل أخر، ولا ضمنأية صيغة أخرى.

أما الأولوية الثانية المقدسة، فهيأداتنا للوصول إلى هذه الدولة، وهي منظمة التحرير الفلسطينية بكامل قوتها كممثل شرعيوحيد للشعب الفلسطيني، بحيث يتكرس في الوجدان الجمعي، وفي الضمير الجمعي، وفي الممارسةاليومية، أن أي اعتداء على قوة وقداسة التمثيل الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحريرهو الخيانة العظمى، وهو الكفر العلني، وهو الكبيرة التي لا غفران لها، والوصمة التيلا تزول.

سواء جاء هذا الطعن في قوة وصفاء وشموليةالتمثيل من قوى في الخارج أو من عناصر في الداخل.

فقد يعتذر أحد القوى في الخارج بأنهلا يريد أن يساعدنا، أو أنه غير مقتنع بمساعدتنا، إن هذا ممكن، أما أن يأتي هذا الطرفلكي يتآمر في الظاهر أو الباطن على شرخ قوة التمثيل الفلسطيني، فهذا عدوان صارخ، وجريمةكبرى مع سبق الإصرار والتعمد، ومن حقنا ومن واجبنا أن نرد هذا العدوان، وهذا الكيد،وهذا التآمر بكل ما نستطيع، ولن يكون أمام أجيالنا الفلسطينية أي محرم أو ممنوع لنردعلى أولئك الذين يحاولون أن يذبحوا بخناجرهم السامة الملوثة قداسة ووحدانية التمثيلالفلسطيني.

هناك شعور عالي بالجرح والألم والخذلان،من بعض الأطراف التي تقوم بغارات متقطعة ضد قداسة التمثيل الفلسطيني، تحت عناوين مختلفة!!! وهذا العجز الجمعي الفلسطيني يرى إلى حد اليقين القاطع أن كل من يستقوي علينا،ويخرج خنجره المسموم من تحت جلده، ليطعن به قداسة التمثيل الفلسطيني، إنما هو عدو،لا فرق بينه وبين أكثر حلقات الصهيونية السوداء بغضا، بل هو أشد خطرا، لأن هذا البعضيستتر وراء غلالة الأخوة العربية أو الإسلامية، ونحن تربينا في وعينا الجمعي الفلسطينيأن كل من يطعن جوهر وجودنا، وحضور اسمنا، وقداسة عنواننا، فإنه براء من أخوة العروبةوأخوة الإسلام، بل العدو اللدود.

في هذه المرحلة، فإن العيون الفلسطينيةيجب أن تظل مفتوحة على أوسع مدى لترصد كل التحركات على الصعيد الداخلي والخارجي، وترصدكل أنواع الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة التي وصلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة،بان كي مون، وإلى القوى في المنطقة العربية وغير العربية التي ستتبرع من تلقاء نفسهاتجاه هذا الضغط لاختراق الحالة الفلسطينية، ومضاعفة جراحها، وليعلم هؤلاء أن الشعبالفلسطيني حتى وإن كانت ظروفه صعبة، ولكنه موجود، وموجود بأعلى حالات الحضور، وأن الخونةوالسماسرة والمتآمرين لن يخدعوه لحظة، ولن يتمكنوا أن يثخنوه بالجراح من جديد عن طريقالعبث بالهيئات المقدسة لقضيته التي هي أعدل قضايا التاريخ.