سينجح « اخوان حماس» وأشباههم وسينتصرون شئنا أم ابينا، سيسيطرون على الشارع، ليس الاسفلت وحسب بل على ريموت كونترول انفعالات الناس، سيحولون تلقائية الناس الى موجات تسونامي مدمرة، سينسحب النظام لتحل الفوضى، سينهار البناء، سينهزم الاستقرار، ستتقلص الدولة الى « كتاتيب مشايخ سيصبح الاستقلال حلما نراه في المنام، سيحدث كل هذا غدا اذا سمح الفلسطينيون الوطنيون، التحرريون، التقدميون والديمقراطيون – ولو للحظة واحدة – التفكير وفتح باب النقاش مع الذات مرتين في موضوع شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية وكينونتها. أو مقارنتها بالأنظمة في منطقتنا العربية والعالم.. فالسلطة هنا ارادة وطنية فلسطينية بالتحرر والاستقلال، السلطة الوطنية هي تعبير عن هوية وطنية سياسية، ثقافية، واثبات وجود لشعب أصيل، بغى عليه المشروع الصهيوني وطغى واستكبر، استخدم الاحتلال والاستيطان لينكر وجوده ويمحي آثاره التاريخية الحضارية والثقافية.

يختلف حال الأنظمة السياسية في الأقطار العربية والمنطقة من حولنا عنا، فتلك الدول توارثت النظام والحكم رغم متغيرات ومؤثرات تاريخية وثقافية داخلية وخارجية، فكانت السلطة « النظام « تعبيرا صحيحا عن القوة، الضعف، العدالة، الظلم، التخلف، التنمية والتقدم، الدكتاتورية، الديمقراطية، وانعكاسا طبيعيا لحالة المجتمع وأمراضه وصحته ايضا. فالدول العربية الشقيقة تعرضت لحملات استعمارية وانتداب لكنها لم تتعرض لنكران وجود شعب بأكمله، فان كانت قوى الاستعمار والانتداب صادرت القرار السياسي للحكومات العربية التي كانت سائدة، ورسمت حدودا سياسية بين أقطار العرب، الا أن ما يحدث عندنا مغاير ومختلف تماما، فالمشروع الصهيوني صادر ومازال يصادر أرض فلسطين بقوة سلاح الاحتلال، ويحاول انتزاع جذور شعب بأكمله من أرضه وتاريخه، وتبديد امانيه في الحرية والاستقلال، ويسعى مسخرا قواه التي يمتلكها في مراكز القرار بالعالم وتحديدا الكبرى منها لاجهاض مشروع الدولة الفلسطينية، فتاريخ الشعب الفلسطيني وحاضره الحافل بالثورات والتضحيات والمتغيرات وحب الشعب لأرضه، واخلاصه في الانتماء لهوية حضارية ثقافية غنية ميزتها عن الكائن في الأقطار القريبة والبعيدة، ونضاله وكفاحه المتواصل منذ عقود هو ما يجعلنا نعتقد بأن الشعب الفلسطيني انما عن بعض اهدافه الوطنية المشروعة، وعن امانيه بالتحرر والتحرير عندما قرر انشاء مؤسسات: النظام، القانون، الاقتصاد، السياسة، القضاء، الثقافة، الاجتماع، البناء والمال، الأمن، التعليم، الصحة وغيرها..

لم تكن المؤسسات أهدافا وانما وسائل للصمود، ليست هياكل يحمى الصراع الداخلي لاحتلالها وانما لتمكين شعبنا من أدوات صراع قوية تمكنه من حسم معاركه مع الاحتلال الاستيطاني والمشروع، فدون مؤسسة اقتصادية فلسطينية مثلا سنبقى سخرة عمالا حرفيين فقط لأضخم مشروع استيطاني بالعالم!!.

هياكل الدول والحكومات والأنظمة ثابتة قائمة على ارض مستقلة ذات سيادة، أما عندنا فكل ما في هياكل السلطة متحول، وغير ثابت، فهياكل السلطة الوطنية متغيرة أو هكذا يجب أن تكون لتنسجم مع أدوات نضالنا وكفاحنا، فالأرض التي نناضل لاستعادتها لسيادتنا مازالت تحت سيطرة سلاح الاحتلال وجرافات المستوطنين، فالسيطرة على الأرض شرط للسيطرة على الموارد وتوظيفها في البناء، وتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء وهذا ما تفعله الأنظمة السياسية الحاكمة العادلة.

لا نحتمل توزيع فلسطين – تذكروا انها محتلة – الى موالاة ومعارضة، فكلنا موالون لوطننا ولمصالح شعبنا، ولمبادئ الحرية والاستقلال، ومن يفعلها ويحاول فتح ساحات وشوارع بعراضات المعارضة واستنساخ تجارب البث المباشر من تونس والقاهرة، فهو ليس بريئا، ولن يمنحه التاريخ وسام « ثورة «، فلا شرعية لثورة شعبية، مالم تكن على الاحتلال. ومن يريد المقاومة الشعبية فليفعلها، ويتجه بالجموع نحو الجدار الاستيطاني الاحتلالي فيهدمه بيديه، أما من يفكر بهدم ما بناه هذا الشعب من مقومات صمود فانه لن يكون بريئا ابدا. فلنرفع بنيان الوعي سدا ليمنع طوفان فوضى المتخلفين. سينتصر « اخوان حماس» ومن التف بعباءاتهم اذا فكر واحد منا أن السلطة دجاجة تبيض ذهبا. تذكروا ولا تنسوا ان الادارة الأميركية تتصل بهم منذ سبع سنين. فلا نجعلن بالأنانية والشهوة للسلطة سنواتنا وعقودنا الآتية عجافا