لا يكفي أن تكون طبيبًا جرّاحًا في مشفى في تل أبيب وتعمل خمس ورديّات متتالية، ولا وقت لك كي تحكّ جلدة رأسك، وفيما أنت في طريق عودتك إلى بلدتك متعبًا يعلمك الطّبيب المسؤول بأنّ سيّارات الإسعاف تنقل جرحى حادثٍ أمنيّ في شارع ديزنغوف فتعود مهرولًا إلى المشفى وتنقذ حياة خمسة منهم من الموت إلّا أنّ هذا لا يمنع الغوغاء من أن يهتفوا بوجهك "الموت للعرب" وأن يتسابق قادة المعارضة والائتلاف من اليمين المتطرّف واليمين الوسط واليمين "شويّة" واليمين "شحطة" من التّحريض على وجودك، كما لا يكفي أن تكون لاعب كرة قدم عالميًّا وتسجّل هدفًا قاتلاً في شباك الخصم الأوروبيّ في مباراة بينه وبين فريق منتخب دولة اليهود ولكنّ جمهور المشجّعين في ملعب شباب يافا الّذي صار اسمه ملعب بلومفيلد يشتم عورة أمّك لأنّك لا تنشد التكفاة الّتي تتنكّر لوجودك فأنت أوّلاً وأخيرًا بالنّسبة لهم "غوي شبات". جميل جدًّا أن تكون متفوّقًا ولولا هذا التفوّق ما كنت لا في العير ولا في النّفير ولا يمنحك شهادة "عربيّ إسرائيليّ م.ض." ولن تكون هذا المخلوق العجيب الّذي يُدعى "عربيّ اسرائيليّ" الّذي تعمل المؤسّسة على صناعته منذ أيّام الحكم العسكريّ والسّادة لوبراني وأغاسي وكوهن وبقيّة "العربستم" في مكاتب رئاسة الحكومة ووزراء الأمن الدّاخليّ والزّراعة والبيئة والتّعليم والأديان، فكي تكون عربيًّا اسرائيليًّا م.ض عليك أن تقوم بالوصايا العشر التّالية:
أوّلًا: أن تقف في باب العامود في القدس وتحيّي الشّرطيّين والشّرطيّات الّذين يحرسون تهويد القدس و"يحترمون" البيوت العربيّة والنسّاء العربيّات والشّيوخ على طريقتهم الخاصّة ويدخلون المسجد الأقصى بأحذيتهم العسكريّة، ولا تنسَ أن تخصّ في تحيّتك رجال الأمن المتطّوّعين من أبناء جلدتك.
ثانيًا: أن تدعو شبّان وشابّات شعبك إلى الخدمة الوطنيّة في قوّات الأمن الّتي تحرسك من اعتداء أبناء شعبك الفلسطينيّين وتقتحم بيوتهم ليلًا وتعتقلهم كي تقدّم لهم حلويات رمضان.
ثالثًا: عليك أن تنسى كلمات خطيرة مثل: احتلال، حريّة، الخطّ الأخضر إلى آخره.
رابعًا: أن يكون شعارك: إذا كان الكلام من فضّة فالسّكوت من ذهب فلا تنبس ببنت شفة إذا سمعت يوميًّا عن مقتل طفل فلسطينيّ أو شابّ فلسطينيّ أو امرأة فلسطينيّة فالدّم الفلسطينيّ رخيصٌ جدًّا بل بلا ثمن.
خامسًا: أن يكون شعارك: من يتزّوج أمّي فهو عمّي، وللأقصى ربٌّ يحميه، وماما أمريكا ما أحلاها.
سادسًا: ألّا تسمع ما يجري لعرب النّقب وأن تقتنع بأنّهم لصوص يسرقون أراضي الدّولة ويعيثون فسادًا في النّقب.
سابعًا: أن تشجب بدون تأتأة كلّ عمليّة يقوم بها فلسطينيّ ضدّ قوّات الاحتلال وتؤكّد على أنّه إرهابيّ خطير وشتّان بينه وبين ما فعله رجال يهود تبوّأوا فيما بعد مناصب عليا مثل رئاسة حكومة أو وزير أو قاضٍ في المحكمة العليا كما أنّه شتّان بين هذا الفلسطينيّ وبين الأوكرانيّ الّذي يقاوم الغزاة الرّوس.
ثامنًا: أن تشكر الدّولة الّتي منحتك التّأمين الوطنّيّ والتأمين الصّحيّ وتتذكّر أن وضعك الماديّ أفضل من العرب في اليمن وسوريا والعراق.
تاسعًا: أن تعترف بأهميّة ربط بيوت المستوطنات بالكهرباء وأن تصبر صبر أيّوب على ربط بيتك بها.
عاشرًا: أن تمدح الدّيموقراطيّة الوحيدة في هذا الشّرق الّتي تسمح لأيتام كهانا بالتّعدّي عليك والتّحريض على أبيك وجدّك فهذه الدّولة يهوديّة ديموقراطيّة يا أيّها العربيّ وما يحقّ لشموئيل لا يحقّ لأحمد.
وأخيرًا أرجو من القارئات والقرّاء الكرام أن يضيفوا شروطًا أخرى لعلّني نسيتها.

 

المصدر: الحياة الجديدة