لم يحسب رئيس الدولة العظمى في العالم أن الرئيس أبو مازن سيتجرأ بالرد على (صفاقة القرن ووعد ترامب) بصفعة سياسية من الوزن الثقيل، في مجلس الأمن على الخد الأيمن، ثم في الجمعية العامة للأمم المتحدة على الخد الأيسر، ثم بلكمة احترافية أفقدته التوازن وألقته خارج الحلبة، فاقدا القدرة على العودة إليها ما دام إصراره على الانضمام إلى الطرف الآخر كخصم والتخلي عن دور الحكم.
يبدو واضحاً للعيان أن قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس أبو مازن قد قرر خوض معركة كرامة، بعد خمسين عاماً على معركة الكرامة العسكرية في العام 1968، معركة جديدة في ظروف مشابهة لظروف وواقع معركة الكرامة الأولى من حيث التعقيدات السياسية، والوقائع مع اختلاف في بعض التفاصيل.
بعد ثلاثة أسابيع على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال إسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، لم يقع على شبابيك البيت الأبيض وجدرانه ألا ورق البيانات المتطاير، وصدى أصوات الضد، فبدت الأمور للقاطن فيه، أن ما يحدث مجرد حالة طبيعية، لا تخرج عن المألوف، ما دفع المسؤولين في المنظومة الإسرائيلية الحاكمة إلى رفع وتيرة التمرد على القانون الدولي، وإشهار الاستهتار بالعالم، والاستعداد لاحتلال ميادين صراع جديدة حتى لو كانت دموية.
التقط الشعب الفلسطيني الإشارة بواسطة الحبل السري الرابط بين مشاعره وأحاسيسه الوطنية وبين عقل وقلب قائده، فهب مع قائده منتصرا لروح فلسطين، للقدس، يدافع عن وجوده، وعن كرامته، ويبعث برسالة للقاصي والداني، أن حركة التحرر الوطنية الفلسطينية التي صمدت وقاتلت بعد هزيمة الجيوش الرسمية في نكسة حرب حزيران من العام 1967، حتى شعر كل عربي من المحيط إلى الخليج أن كرامته قد استعيدت، لقادر اليوم على تكرار التجربة، بعد اهانة ترامب، فالقدس وان كانت عاصمة فلسطين الأبدية تاريخيا وطبيعيا الا انها عاصمة الهوية والثقافة الوطنية، عاصمة الروح الإنسانية، وأنه لشرف عظيم لكل فلسطيني أن يتحمل مسؤولية حمايتها، وردع من يظن بنفسه القدرة على سلب كرامة الشعب الفلسطيني والأمة العربية والعالم.
سيذهب الرئيس أبو مازن في معركة استعادة الكرامة، إلى أبعد مدى يمكن أن يتخيله قادة دولة عظمى، ولكنه لن ينزلق ولن يسمح بانحراف مسيرة الجماهير عن سكتها ووجهتها، أو السقوط في المربع المريح للاحتلال.
سجل التاريخ لقائد الثورة الفلسطينية المعاصرة ياسر عرفات- أبو عمار- الذي قاد الفدائيين في معركة الكرامة في آذار من عام 1968، قوله للمناضلين الأوائل: "يجب أن نصمد ونقاتل، لأننا بذلك نستعيد كرامة شعبنا وامتنا"، وسيسجل التاريخ لأبي مازن وقفته وصموده وثباته في الدفاع عن كرامة الشعب الفلسطيني والأمة العربية، والشعوب المؤمنة بقداسة الرموز الدينية في القدس، وكبريائه المستمد من الشعب الذي منحه الثقة، ومناضلي حركة التحرر الوطنية الذين اختاروه قائداً لمسيرتهم ، يقودهم بحكمة وشجاعة، إلى حيث يتجسد انجاز الاستقلال الوطني باستعادة القدس وإسقاط الوعود الاستعمارية، فالأمم والشعوب قد ربطت كرامتها بحرية أوطانها ومقدساتها، فكيف ونحن نتحدث عن أم وسيدة المدائن المقدسة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها