الأسبوع الماضي، الذي بدأ زخمه العظيم يتحقق منذ صبيحة الإثنين الثاني من أكتوبر/ تشرين أول، هذا الشهر الذي يحمل الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار مجيد حققته الأمة العربية بيد الجيشين المصري والسوري الباسلين، تلقى بنيامين نتنياهو عدة إشارات لاطمة، قد تكون التأكيد الأكبر على قرب سقوطه السياسي، لأنه استنفذ كل طاقة الشر لدى تحالفه الحكومي، الذي وصل بالشعب الإسرائيلي إلى حد المأزق، كانت الإشارة الأولى وصول حكومة التوافق الوطني الفلسطينية إلى قطاع غزة، لتبدأ مسيرة المصالحة بالاندفاع الرزين والقوي على السكة الصحيحة، فاستلمت الوزارات بدء إعلان حماس عن حل لجنتها الإدارية، وعقدت الحكومة برئاسة الدكتور رامي الحمد الله اجتماعها الأول في القطاع بعد انقطاع طويل، وبعد انقسام تجاوز العقد من الزمان، وكان نتنياهو قد تلقى لطمة قبل ذلك بحصول فلسطين على عضوية الإنتربول بعد حملة إسرائيلية مكلفة جداً وفاشلة جداً، اضطر رئيس وزراء إسرائيل الذي يفعل المستحيل، ويرشوا الاستيطان والمستوطنين بلا حدود من أجل البقاء، وكان لا يزال تحت تأثير الصدمة حيث جاءته اللطمة الأخرى، وهي اجتماع الحكومة الفلسطينية في غزة لبدء مرحلة جديدة من مراحل استثمار الفوز الفلسطيني، الذي كرسته الشقيقة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاتفاق المصالحة كحقيقة واقعة على الأرض، ذهاباً إلى مدى أبعد من ذلك بكثير، ولم يستطع نتنياهو أن يتصرف كزعيم سياسي، بل كرجل خارج من كل الحسابات عندما أعلن أنه ضد المصالحة الفلسطينية!!! يعني أن الانقسام في جوهره كان فعلاً إسرائيلياً، وكان مصلحة إسرائيلية، وهذا اعتراف إسرائيلي خطير له تداعيات لن تمر مروراً عادياً.

ثم جاءت الإشارة الثانية في تأكيد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية وذلك خلال وجوده في زيارة تاريخية لموسكو والتقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ثم جاءت الإشارة الثالثة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه، الذي أعلن أن نتنياهو يشكل حجر عثرة في طريق آية تسوية سلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وربما فهم كثير من الإسرائيليين حتى داخل حزب نتنياهو أن وجود هذا "الحجر العثرة"، يجب أن تزول، لأن مصالح الدول، ومصداقيتها، وأدوارها على مستوى العالم لا يجب أن تخضع لمزاج رجل تلاحقه ملفاته سيئة السمعة، وتضيق الخناق عليه تحالفاته مع المستوطنيين ومجالسهم، والحاخامات وهلوساتهم التي ترفض بالمطلق القانون الدولي، ومصالح العالم في الأمن والسلم.

نتنياهو فعل المستحيل لقتل حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي، وحاول أن يكرس حل الدولة الواحدة تحت نظام الأبارتهايد منقرض، يخشاه أغلبية الإسرائيليين لأنه يضعهم أمام مستحيلات فادحة، مستحيلات ليس لديها قبول لا في المجتمع الدولي، ولا حتى داخل الشعب الإسرائيلي الذي أصبح خائفاً من أن نتنياهو من أجل إنقاذ نفسه يمكن أن يهدد كل المكتسبات التي تحققت بفعل هذا المجتمع الدولي.

و كان الرئيس أبو مازن الذي من بين ميزاته الكثيرة أنه يجيد قراءة المتغيرات في المنطقة وفي العالم، قد ارسل إشارات مهمة من خلال خطابه الدقيق والشجاع من فوق منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعين، وقال في اشاراته العميقة لا شيء بدون ثمن، وأن إغلاق نتنياهو الطريق أمام حل الدولتين يفتح الطريق أمامهم على مستوى كل فلسطين التاريخية.

يتصرف نتنياهو بدون مسؤولية، أعماه انقياد تحالفه معه، منهم معه في نفس القارب، الغرق أو الغرق، فالشعب الفلسطيني الذي سعد باستعادة وحدته، قد تخطى المعايير التي يلعب بحدودها نتياهو، الصراع مفتوح، الصراع على أشده، والجاهزية عالية، فنحن لسنا أسرى خيارات نتنياهو الذي لا تهمه سوى النجاة من ملفاته الرئيسة التي صنعها بيديه، ويا شعبنا العظيم، مبروك الصعود إلى الوحدة، والآتي أعظم وأكثر أملاً فنحن شعب الإنجازات.