لا شكَّ أنَّ السياسة تتضمَّن آراءً متعارضةً وأحيانًا تتضمّن قواسمَ مشتركة، فكلُّ رأي له أسبابه ومسوّغاته وَفْقًا لطريقته في التفكير والمنطلق الإيديولوجي أو المصلحي الذي يتبنّاه صاحب الرأي..
في السياسة كل الآراء مُباحة، حتى أكثرها حدة، طالما بقيت في السياق الأخلاقي ..
أبو مازن رئيس دولة فلسطين ليس بمعزل عن اختلاف الآراء حوله، فهناك من يؤيّده ويتّفق مع أسلوبه في الريادة، وهناك مَن يتعارض معه ويعارضه، أنا شخصيًا استوعب وأتفهَّم فكرة التأييد والاعتراض هنا، وليس غريبًا على أحد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم واجه معارضين ودمويين، فما بالكم بأبي مازن الذي ليس نبيًّا...
ما يُثير قلقي على فكرة الديمقراطية والحريات في فلسطين ليست التغوّل على الحريات من بعض الجهات أحيانًا، لكن يقلقني أكثر أنَّ هناك من هُم بيننا يمارسون المعارضة لمجرد المعارضة، يعشقون الاعتراض وممارسته من دون فهم ومن دون وعي ودون أدنى مسؤولية وطنية، وللأسف تجدهم يدافعون عن اعتراضهم ولسان حالهم يقول (عنزة ولو طارت) المهم أن يعترضوا...
لماذا يعترضون هم أنفسهم لا يعلمون.. وكأنَّها التياسة في السياسة.. فهؤلاء لو أضاء لهم أبو مازن أصابعه العشرة لن يقتنعوا أو يقنعوا به.. والعقل عندهم مُغيَّب حتى الأخلاق التي يتشدَّقون بها تراهم يتنكّرون لها في محفل ردهم وتعبيرهم عن اعتراضهم الغارق بالسباب والتعهير..
يريدون حُريّة الرأي لهم فقط، أما من يخالفهم الرأي فهم إمّا سحيجة وإما خونة وإمّا فاسدون. إنَّ المعارض مقتنع هنا أنَّه خُلِقَ ليعترض، يعترض من دون فهم ومن دون وعي ومن دون أدنى احترام لوجهة نظر غيره، فمن يعارضون أبا مازن لا يمتلكون أي مسوغات مشروعة أو واقعية لاعتراضهم، إنَّهم باختصار "حافظين مش فاهمين".
بكلِّ الأحوال أنا شخصيًّا مُؤيّد لك يا أبا مازن، ومقتنع بنهجك وفكرك وطريقتك في ريادة شعبنا، وهذا أتشرَّف به ولا يُعيبني، ومن سيقرأ هذا المقال من المعارضين الذين وصفنا وضعهم سابقًا، أول ما سيقوله: (إنَّ كاتب هذا الكلام سحيج)..
بالنسبة لي سمّيني كما شئت سحيجًا أو فحيجًا أو غيره، هذا رأيي، وسأدافع عنه مهما بلغ الثمن.
فنحن نُؤيّد أبا مازن لأنَّه صاحب التاريخ النضالي الكبير الذي لن يستطيع أحد إنكاره مهما حاول البعض البعوض تشويهه..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه صاحب فكرة أعمال العقل بالسياسة والابتعاد عن العواطف..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه يعلم ماذا يريد ولا يبيعنا الوهم ولا يستخف بعقولنا بالشعارات الرنانة والرومانسية ..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه ما لديه فوق الطاولة هو ذاته الذي تحت الطاولة...
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه يعمل لأطفالنا ومستقبلنا بحنكة المقاتل واتّزان القائد..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه بكل ما قال ويقول لم يوعدنا بما لا يستطيع كما فعل الآخرون..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه صمام الأمان لمشروع شعبنا الوطني فهو الذي تحدَّى مشروع الإمارة المنسلخة والحلول الترقيعية التي تهدف للمس بوحدة القضية الفلسطينية..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه الوحيد الذي دعس على أكبر الرؤوس الفاسدة وعرّاها، بل وطردها خارج المشهد السياسي الفلسطيني، وما زال يسعى لتنقية "فتح" وفلسطين من الطحلبيات والقراد السياسي الذي مصَّ دماء شعبنا على مدار السنوات الماضية..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه القائد السياسي الذي استطاع أن يُعرّي كيان الاحتلال أمام العالم، بل واستطاع أن يُسقِط عنه ورقة التوت فعزل "إسرائيل" في المحافل الدولية وألَّب الرأي العام العالمي عليها، بل مرّغ في أنفها التراب في كل المنظمات الدولية، وإلّا فماذا يعني أن تكون فلسطين عضوًا فاعلاً في الجماعة الدولية باعتراف كلِّ العالم بما فيها القوى العظمى ..
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه القائد الذي يمتلك العقلية المؤسساتية التي أرست دعائم مؤسسات الدولة وسيادة القانون، فتراجعت في عهده الفوضى وانحسر الفساد وحوكم الفاسدون ...
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه قال لا كبيرة لفكرة الدولة اليهودية فأفشلها، بل وأسقطها وحطّمها على صخرة قوته وقدرته السياسية...
نُؤيّد أبا مازن لأنَّه مَن حافظ على الهُويّة الوطنية الفلسطينية أمام مؤامرات التذويب، وكرّس مرة أخرى القرار الوطني المستقل رغم نيّة وسعي البعض البعوض لشطب فكرة التمثيل الوطني الفلسطيني من أجل الحفاظ على المناصب والمكاسب...
استطيع أن أسرد كتابًا كاملاً عن مسوّغات تأييدنا لأبي مازن ..
وسنبقى مؤيّدين ومدافعين عن سياسته مهما بلغ غي البعض وانحدارهم في التعبير عن وجهة نظرهم، لكنّنا سنبقى أخلاقيين دائمًا، ولن ننساق أو ننجرَّ خلف مَن يسعى لتسميم وعي شعبنا خدمةً وإرضاءً لأجنداته وأجندات مَن يُحرِّكهم من خلف الستار ..
سر يا أبا مازن في رعاية الله فأنت فارس هذا الزمان وسواك المسوخ...
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها