بقلم: يحيى رباح
يوم الثلاثاء أمس الأول، قدم الإعلامي الكبير عماد الدين أديب تحليلاً سياسياً على شاشة CBC في برنامجه الشهير «بهدوء»، ولفت نظري بقوة هذا التحليل السياسي انه أقرب إلى بيان معلومات من المستوى الرفيع عما جرى في تلك السنة العجفاء من حكم الاخوان المسلمين لمصر الذي بدأ في الثلاثين من يونيو 2012 وانتهى في الثلاثين من يونيو 2013!!!
كيف حدث ذلك الصعود وكيف حدث ذلك السقوط؟؟؟
التحليل السياسي أو بيان المعلومات الدقيق الذي قدمه عماد الدين أديب، مصاغ بشكل عالي المستوى، وبترابط منطقي، وبتوفيق شديد، وكنت أتمنى أن أراه منشوراً أمس أو اليوم في الصحافة العربية والفلسطينية على وجه خاص، لكي نصل إلى أعلى مستوى من المعرفة حول حجم التورط الخطير الذي انحدر إليه الاخوان المسلمون في مصر ضد وطنهم وأمتهم وضد الشعب الفلسطيني، حين عقدنا صفقة شيطانية مع الأميركيين والإسرائيليين لدفن قضيتنا العادلة التي قدمنا نحن والأمة العربية مئات الآلاف من الشهداء على طريقها، من أجل أن تنبثق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس من جديد فوق أرض فلسطين وليس في رمال سيناء ولا في أي بديل آخر!!!
و أن هذه الصفقة الملعونة أعطت الاخوان المسلمين في مصر ومعهم كل التنظيم الدولي للأخوان في العالم، إحساساً زائفاً مبالغا فيه بالاستقواء على شعبهم المصري وأمتهم العربية والشعب الفلسطيني بشكل خاص، أنهم لقاء هذه الصفقة القذرة نالوا بالمطلق دعم أميركا وأوروبا وإسرائيل، وأن هؤلاء لن يفرطوا بهم وسيحمونهم من غضب شعبهم وآمتهم، وسيتمكنون في الأرض، ألا بئس ما كان يتوهم الخائنون!!!
الآن:
قد اتضح وانفضح كل شيء، وسقط الاخوان المسلمون بكل تفريعاتهم هذا السقوط المدوي، وأصبحت السجون تضيق بهم بعد أن تحولت خصومتهم القاطعة إلى عداء مع الشعب المصري كله، وتنبه العرب جميعاً إلى ما كان يخطط لهم، فاستنفروا يقظتهم العالية، الآن بطرح السؤال نفسه، وماذا بعد؟؟؟
على المستوى الفلسطيني:
هل يكفي موقف الأخ الدكتور موسى أبو مرزوق الذي أشاد بموقف الرئيس أبو مازن، الذي ضغط بكل ما يستطيع إعادة فتح معبر رفح لتمرير الحالات الإنسانية – ما أكثرها – ومعالجة موضوع الوقود الخاص بمحطة توليد الكهرباء الرئيسية في قطاع غزة؟؟؟ هل موقف الدكتور موسى أبو مرزوق يعبر عن الكل الحمساوي؟؟؟ هل هو موقف جرى بعد مناقشة عميقة؟؟؟ لأن الرئيس أبو مازن سبق وأن كرر هذا الموقف النبيل الذي هو جزء من مسؤولياته الدستورية بصفته رئيس الشعب الفلسطيني مرات عديدة وكان في كل مرة يواجه بالنكران والجحود واستكبار الأوهام التي يعتنقها المتنهرون في حماس كما لو أنها دين مقدس!!!
و هل أذا قام طرف آخر – أي طرف – بالتلويح لحماس بأي إغراء، سينقلب الموقف، ونعود ونسمع المواقف المتشنجة والسطحية التي سمعناها خلال السنوات السبع الأخيرة؟
لم يطلب من حركة حماس أشياء كثيرة أو صعبة أو مستحيلة، كل ما طالب به الكل الوطني، وكل ما طالب به جماعة المثقفين التي أنتمي إليها، أن تقوم حركة حماس من تلقاء نفسها بمراجعة حقيقية، مراجعة شجاعة، مراجعة شاملة، لنعرف ماذا فعل بها الانقسام، وكيف جعل قرارها محمولاً على رياح الأوهام العاصفة تأخذه حيث نشاء، وكنا وما زلنا نطالبها بأن تؤمن بعبقرية وخصوصيات القضية الفلسطينية، وألا تظلم ولا تحتقر شعبها الفلسطيني والآمة وطموحاته العادلة، لأنه حين يأتي وقت الطوفان فلن تجد جبلاً يؤويها من الطوفان سوى هذا الجبل الفلسطيني!!!
هل فعلاً لدى حركة حماس النية والرغبة والإرادة للذهاب فعلاً للمصالحة؟؟؟ ولا أعني بالمصالحة تلك التي نرى «مخاتير» المصالحة يتحدثون عنها، ويذهبون هنا وهناك للحديث عنها، فهذه ليست مصالحة – والكل يعلم ذلك – بل المصالحة هي التي تعترف بالحقائق، وتقرأ المشهد بشجاعة، وتقر بأن أي تنازل تقدمه الأطراف لشعبها الفلسطيني، هو أفضل الف مرَة واشرف ألف مرًة من هذه المنحدرات المجهولة والصفقات المشبوهة التي تنم عن استخفاف وجهل بعناصر اللعبة الإقليمية والدولية!!!
و المفروض بنا كأطراف فلسطينية أن تكون قضيتنا العبقرية قد علمتنا أن لا يغيب عنا أصل الأشياء ولا تخدعنا الوعود الوهمية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها