دولة التطهير العرقي الإسرائيلية المسكونة بالعنصرية عبر تعظم مكانة اليهودي الصهيوني فوق بني البشر وخاصة صاحب الأرض والوطن الفلسطيني، وتعتبر المساس بأي مستعمر إسرائيلي مساسا بالدولة المارقة ومستقبلها. فضلا عن إطلاق حملات مسعورة من ماكنتها الإعلامية، ومعها إمبراطوريات الإعلام الصهيوني وغيره في دول الغرب الرأسمالي للدفاع عن أتباع الديانة اليهودية، وأقلها الإتهام المباشر ب"اللاسامية"، السلاح الذي تآكل مع الأيام بعدما إكتشف العالم بؤسه وضحالته.
هذه الدولة الإستعمارية، التي تعلي من مكانة اليهود الإسرائيليين، لا تتورع عن سحق عظام الشهداء الفلسطينيين تحت حجج وذرائع واهية وبائسة. ففي نطاق الحملة المتواصلة من قبل اللجنة الخاصة بإستعادة جثامين ورفات شهداء مقابر الأرقام بالتعاون مع أهاليهم وذويهم، أعلنت حكومة الإستعمار الإسرائيلي بأنها لم تجد من أصل 123 رفات شهيد إلا جثمانين أثنين فقط. وهو ما يعني بشكل صارخ إرتكابها مجزرة وحشية جديدة ضد الشهداء المفقودة جثامينهم. وهو ما لا يجوز أن يمر أو يسمح به تحت أي ذريعة من الذرائع الواهية.
مذبحة الشهداء تحتم على القيادة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني وقطاعات الشعب جميعها بالتوافق مع حملة التساند والتعاضد مع إضراب أسرى الحرية غدا، توسيع دائرة الحملة للضغط على حكومة نتنياهو بكل الوسائل والأساليب وأشكال النضال، لإرغامها على الكف عن التلاعب بمصير رفات الشهداء، وإيجاد الجثث المفقودة، وإعادتها لذوي الشهداء، لإعادة دفنهم، كما يليق بهم وبمكانتهم البطولية للشعب العربي الفلسطيني.
ولا يقتصر الكفاح على هذه الجبهة في النطاق الوطني، إنما يحتاج إلى توسيع دائرة الفعل خارجها، أي في دائرة أوسع، حيث يفترض ان يصل الصوت الفلسطيني إلى الدول العربية الشقيقة ودول العالم الإسلامي ودول العالم قاطبة دون إستثناء ولدوائر ومنابر الأمم المتحدة المعنية وصاحبة الإختصاص في هذا الشأن. وهو ما يستدعي من الكل الفلسطيني والعربي وضع خطة عمل تستند إلى روح القانون الدولي لإرغام إسرائيل على إعادة الجثامين.
وفي هذا المقام، لا يجوز لكائن من كان، أن تمر أو تنطلي عليه كذبة الدولة والحكومة الإسرائيلية، التي تقول أن الوثائق الخاصة بمقابر الشهداء فقدت وضاعت، لإن الشركة المعنية تم حلها، ولم تعد تعلم أين مكان المقابر أو من دفن فيها. هذه الفرية الإستعمارية الإسرائيلية مرفوضة جملة وتفصيلاً. أولاً هي المسؤولة عن إعدام الشهداء، وثانياً هي المسؤولة عن إحتجاز جثامينهم، وثالثاً هي المسؤولة عن ضياعها. بالتالي عليها كل المسؤولية عنهم وإيجاد رفاتهم. وهذه المستويات الثلاث من المسؤولية تتطلب من المؤسسات والهيئات الوطنية والقومية والأممية ملاحقة إسرائيل في كل المنابر والمؤسسات القانونية والقضائية، وخاصة محكمة الجنايات الدولية وفي لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وفي كل منبر أممي يمكن طرح القضية الإنسانية والسياسية فيه. ولا يجوز أن تمر القضية مرور الكرام، وكأن شيئاً لم يكن.
معركة إستعادة جثامين ورفات الشهداء الأبطال، معركة سياسية بإمتياز. وهي لا تخص ذوي الشهداء أو اللجنة المعنية بذلك، بل تهم وتخص كل فلسطيني، وكل إنسان مؤمن بالسلام والعدالة وحقوق الإنسان. وابسط حقوق الشهداء على شعوبهم وخاصة شعبنا أولاً تكريمهم بدفنهم بأسمائهم في مقابر تليق بهم وبكفاحهم البطولي، ثانيا تدوين بطولاتهم في سجل الكفاح التحرري الوطني، ثالثاً ملاحقة قتلتهم الإسرائيليين حيثما أمكن ذلك لمحاكمتهم كمجرمي حرب، رابعاً رفض الإبتزاز الغربي الرأسمالي بلصق صفة "الإرهاب" بإبطال الشعب الفلسطيني، الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن الحرية والإستقلال والسلام وتقرير المصير وضمان حق العودة لأبناء شعبهم. وهو ما يلزم القيادة والقوى ومنظمات حقوق الإنسان الدفاع عن الشهداء ومكانتهم الوطنية الرفيعة. الذين لولا حملهم راية ومشعل الثورة لما تمكن الشعب وقيادته من تحقيق أي إنجاز وطني. فدمائهم الزكية، كانت نبراساً ومشعلاً مضيئاً لطريق التحرر الوطني من الإستعمار الإسرائيلي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها