أظهرت الازمة الاقتصادية التي تفتك بالولايات المتحدة الامريكية مؤخراً، ان هذه الامبراطورية آيلة للسقوط اقتصادياً في اي وقت، كما سقطت كراعية للسلام لأزمة الشرق الاوسط. بدليل الاخفاق الامريكي في تسويق السلام لدى الاسرائيليين، او ايجاد صيغة مقبولة يمكن الاتفاق عليها بالحد الادنى. مع وصوله للبيت الابيض ابدى اوباما محبة منقطعة النظير لعملية السلام، وأطلق مجموعة مواقف ووعود، وصدقناه من المحيط الى الخليج، لكن وعوده باءت بالفشل، فعجز عن وقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، لا بل عجز عن تجميده لفترة وجيزة، ووقف عاجزاً امام العربدة الاسرائيلية، وصولاً الى تجميد عملية السلام برمتها، وتلقى صفعتين مؤلمتين من نتنياهو في البيت الابيض والكونغرس الامريكي عندما رفض الاستجابة لمنطق انشاء دولة فلسطينية على حدود 67 حسب مفهوم الادارة الامريكية بذريعة عدم الدفاع عن الحدود الاسرائيلية في حال انشئت دولة فلسطينية على حدود 67، وخضعت الادارة الامريكية للسياسة الاسرائيلية بالكامل في التسويق لفكرة يهودية الدولة الاسرائيلية، ومن ناحية اخرى خضعت لوجوب تعديل حدود 67 بما يتناسب مع الوضع الديمغرافي الناشئ من جراء الاحتلال على الارض الفلسطينية وفوق هذا، اقدمت الادارة الامريكية على التهديد باستخدام حق النقض في مجلس الامن ضد اي توجه فلسطيني لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وايضاً تقوم بتحريض الدول والضغط عليها لجهة عدم الاعتراف بهذه الدولة في حال لجأ الفلسطينيون للجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول سبتمبر القادم، ناهيك بالضغط على القيادة الفلسطينية، وظهرت اوروبا في هذا السياق عاجزة ومنقسمة! اما العرب فيبدو انهم غارقون في صيامهم، ولا يتعاطون بالسياسة في شهر رمضان الكريم. ولكن استحقاق ايلول لا ينتظر احدا، ويشكل كابوساً للاسرائيليين وهم غارقون في حيص بيص، فذكرت بعض التقارير الصحافية ( يدعوت احرنوت) ان نتنياهو لن يوافق على اية مبادرة سياسية يمكن ان تطرحها الرباعية الدولية وتشمل عبارة حدود 67، وقالت ان اسرائيل بلورت اقتراحا بعيد المدى ، وتم تناول افكار واقتراحات مع الامريكان. وتقوم الادارة الامريكية اليوم بالتنسيق مع الرباعية الدولية لبلورة موقف موحد من اجل العودة الى المفاوضات، ومن المؤكد ونقلاً عن ديوان رئاسة الوزراء الاسرائيلي مساء 1-8-2011 ان نتنياهو وافق على الصيغة الامريكية التي تبنتها الرباعية الدولية لاستئناف المفاوضات مع الاسرائيليين، والقاضية بان تكون حدود 67 اساسا للمفاوضات مع الاتفاق على تبادل اراضٍ بين الجانبين، ولكنه ابدى بعض التحفظات كشرط ان لا تعود اسرائيل الى حدودها ما قبل حزيران 67، وان يُؤخذ في الاعتبار التغيير الحاصل على الصعيد الديمغرافي في تلك الفترة. وهذا تناقض مكشوف وتلاعب مفضوح بجوهر عملية السلام من اجل تأجيل واحباط المسعى الفلسطيني. فهذا النتنياهو مرة يقول ما يرفضه، ومرة يرفض ما يقوله! وفي الحالتين عليه ان يعرف ان أقصر الطرق للوصول الى السلام هي طريق كلمة نعم للحقوق الفلسطينية، وهي اقصر طريق بين رام الله وتل ابيب، ولن ينفع امريكا وقوفها العنيد في وجه المسعى الفلسطيني باسلوب رخيص للحصول على كرسي رئاسي في البيت الابيض، والوقوف بشكل سافر ضد عملية السلام التي طالما روجت لها. القيادة الفلسطينية ملزمة اليوم بالتمسك بثلاثة خيارات وعدم التنازل عنها وهي:
1-التمسك بخيار ايلول/سبتمبر
2-التمسك بخيار المفاوضات اذا ما اتيح ان تكون على اساس الاتفاقات المعقودة، ووقف الاستيطان وتحت سقف زمني محدد، ومرجعية نزيهة.
3-اللجوء الى خيار الانتفاضة الشعبية السلمية داخل الوطن، واحياء فعاليات داعمة لها في مخيمات لبنان وسوريا والاردن، واماكن التواجد الفلسطيني في الشتات ابتداء من اول ايلول/ سبتمبر، والاصرار على هذه الخيارات والاستمرار بها حتى ترضخ اسرائيل للحقوق الفلسطينية.
وعلينا ان نعمل على ان لا يكون ما بعد ايلول / سبتمبر كما كان قبله. وان غدا لناظره قريب.
3/8/2011
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها