أعلن تنظيم الدولة الاسلامية داعش مسؤوليته عن تنفيذ العملية الانتحارية التي استهدفت موقع الركبان الحدودي المتقدم للجيش العربي الاردني يوم 21/6/2016 على الحدود مع سوريا في جوف صحراء بادية الشام المتصلة امتداداتها بين الدول العربية سوريا والعراق والاردن والعربية السعودية ، والعملية تمت بهذا الشكل الانتحاري ، وبهذا الموقع رداً على سلسلة عمليات فاشلة حاول تنظيم “ داعش “ القيام بها وعمل على تنفيذها ، ضد مؤسسات ومواقع أردنية عبر وسيلتين أو أسلوبين أو شكلين من العمل المسلح وهما :
أولاً : عبر محاولات التسلل من خارج الحدود نحو الاردن وتم إحباطها جميعها ، وكان أكبرها وأشدها قسوة وأكثرها خسارة لداعش في محاولاته ، يوم 23/1/2016 ، حين حاول عشرات المسلحين بسيارات مسلحة تجاوز الحدود الاردنية السورية ، وإقتحام المواقع الاردنية فتكبدوا خسائر فادحة في الارواح والمعدات أستعملت فيها وخلالها كافة الاسلحة بما فيها الطيران وكان حصيلتها الفشل الذريع ، وحاولوا بعدها التسلل المماثل بعدد قليل من المسلحين ولكنهم وجدوا الصد والهزيمة بسبب توفر أجهزة مراقبة ذات تقنية الكترونية عالية المستوى تكشف الطائر إذا حاول التسلل من الحدود السورية نحو الاراضي الاردنية .
ثانياً : عبر خلايا كامنة منظمة ولديها إستعداد لتنفيذ أي عمل أسوة بما حصل في مركز الملك عبد الله للتدريب العسكري يوم 9/11/2015 على يد أنور السعد ، وما جرى في مركز مخابرات البقعة يوم 21/6/2016 على يد محمود المشارفة ، ولكن العملية الابرز التي تم إحباطها يوم 1/3/2016 قبل إجراءات التنفيذ في إربد والتي إستهدفت جامعة اليرموك وشارع الجامعة ومراكز التسوق والبلدية والمحافظة والمراكز الامنية وكانت خسارتها فادحة لتنظيم داعش وعنوانها الفشل ويقظة جهاز المخابرات ، وأدت إلى قتل سبعة من المسلحين وإلقاء القبض على 21 مسلحاً تم إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة .
وحصيلة ذلك أن الاردن يخوض حرباً ضد تنظيمي القاعدة وداعش وإمتداداتهما وما يتبع لهما داخل الاردن ، وما حصل يوم الجمعة 24 حزيران 2016 ، هو مشهد يعكس وجود تعاطف نحو داعش ويستحق التوقف والتقييم حيث لم يتجاوب عدد من أئمة المساجد ، وقطاع من المصلين مع دعوة وزارة الاوقاف لتأدية صلاة الغائب على أرواح شهداء الجيش العربي والاجهزة الامنية ، وهذا السلوك المستهجن يدلل على وجود إتجاهات ورؤى وإجتهادات أخرى لا تتفق مع أغلبية الاردنيين ولا تنسجم مواقفهم مع كافة القوى السياسية على مختلف توجهاتها التي ترى القاعدة وداعش على أنهما تنظيمان متطرفان يمارسان الارهاب والعمل المسلح ضد مؤسسات الدولة الاردنية ، بخيار قيادات داعش والقاعدة وسلوك أفرادهم ، وهذا يتطلب المعالجة السياسية والفكرية لأن ثمة أشخاص كامنون بين مسامات شعبنا ، وداخل صفوفه يحملون الفكر المتطرف أو يتعاطفون معه ويقبلون السلوك العدواني بممارسة الارهاب والعمل المسلح من أجل تحقيق أهداف سياسية ضد مؤسسات أو مواطنين أردنيين ، بهدف تدمير النظام وتغييره وإستبداله بنظام جهادي إسلامي على أنقاضه ، فالصراع مع هذه الاتجاهات المتطرفة ، صراع سياسي فكري شرس ولكنه الخيار المفتوح الذي يجعل من هؤلاء رزمة مكشوفة ، مطلوب تعريتها أمام المجتمع لا أن تبقى كامنة لحين طلب قيادات التنظيم ، لتنفيذ أي عمل إرهابي أو تعمل جاهدة لتجنيد خلايا جديدة لصالح التنظيم .
الاردن يخوض معركة متعددة الاشكال والادوات والاوجه ضد الارهاب والتطرف والاصولية ، لا تقل شراسة عن تلك التي يخوضها النظام العربي والشعوب العربية في اليمن والجزيرة العربية والعراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا والجزائر ، وقد تكون تضحياتها وخسائرها أقل ولكنها ليست معزولة عما يجري حولنا ، فنحن جزء من هذه الحروب ، وإمتداداً لها ، لكون الارهاب والتطرف والاصولية معايير ومفاهيم وأدوات وبرامج عابرة للحدود ، لا تقتصر على بلد عربي دون أخر ، والفرق في معاناة هذا البلد عن ذاك قد يكون بالنوع أو بالدرجة وفق تطور ونفوذ هذه التوجهات أو وفق الحواضن التي توفرت لهذه المفاهيم وتعبيراتها التنظيمية الحزبية ، وتوفر الادوات المساعدة التي تجعل من تنظيماتها أقوى أثراً وأكثر خطورة .
والاردن يخوض معركته ضد الارهاب والتطرف والاصولية على جبهتين ،عبر محاولات التسلل عبر الحدود السورية والعراقية إلى الاراضي الاردنية من قبل تنظيمي داعش والقاعدة ، وعبر تنفيذ عمليات داخلية من قبل خلايا نائمة أو كامنة ، وفي الحالتين تم تسجيل نجاحات لعدد من العمليات ، ولكنها سجلت فشلاً أكبر من العمليات التي تم إحباطها وفشلها مما يدلل على استمرارية الحرب ، حتى يتم استئصال كل مظاهر التطرف والارهاب من بين صفوفنا ومن داخل عقولنا . .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها