منذ تم الاعلان عن تأسيس فضائية ال48 ثم "مساواة" قبل ما يزيد على العام قليلا، وهي تخضع وطواقمها الفنية والادارية للمطاردة والملاحقة من قبل حكومة نتنياهو المتطرفة، مع ان مكتب الخدمات الفنية في الناصرة، هو ذاته، الذي قدم ويقدم الخدمات اللوجستية لقنوات أخرى مثل فضائية "الاقصى" الحمساوية، و"الميادين" الايرانية و"المنار" التابعة لحزب الله اللبناني وغيرها من القنوات ذات الخطاب السياسي، الذي تعتبره إسرائيل معاد لها. غير ان الائتلاف الحاكم العنصري لم يحرك ساكنا تجاه تلك الفضائيات، ليس إحتراما ولا استجابة لحرية الراي ولا إلتزاما بمعايير الديمقراطية، انما لاعتبارات وغايات خاصة عند راسم السياسة الاسرائيلية.
لكن فضائية "مساواة"، التي تحاول محاكاة الاسرائيلي، وتنقل له خطابا ورؤية مغايرة غير، التي يسمعها، رؤية بعيدة عن التضليل والديماغوجيا. تؤكد من خلاله على المساواة بين افراد المجتمع امام القانون وفي العمل والمدرسة والحي، وامام السلطات المختلفة؛ خطاب يعزز لغة السلام والتعايش والتسامح، ويرفض العنصرية والفاشية، ويظهر اخطار منطق "الجيتو" والانغلاق على الذات اليهودية الصهيونية؛ خطاب يعري الرواية الصهيونية، ويميط اللثام عن اسفارها الزائفة ورجعيتها، ويدافع عن الرواية الفلسطينية المتماثلة والمتناغمة مع لغة الارض والتاريخ والاثار والثقافة والشعب صاحب الميراث الحقيقي في كل زوايا فلسطين التاريخية، ومع ذلك، ورغم النكبة وجراحها العميقة، يؤمن الفلسطينيون بالسلام، ويعملوا من اجل التعايش، ويؤصلوا لبناء دولة كل مواطنيها. لهذا كله ترفض حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية خطاب فضائية "مساواة"، وتعتبرها خطرا جاثما في عقر دولتها الفاشية. وهو ما يؤكد على ان الائتلاف المفرط في عدائيته للديمقراطية والسلام، معاد لحرية الرأي والرأي الاخر، ولا يقبل القسمة على اي معيار من معايير الديمقراطية.
حكومات إسرائيل المتعاقبة واجهزتها الامنية وخبراءها الاستراتيجيون كانوا ومازالوا مع تغذية الخطاب الشعبوي المتطرف، ليقدموه للاسرائيليين المضللين لتحقيق اكثر من غرض، اولا تشوية الرواية الفلسطينية العربية؛ ثانيا للتحريض على انصار السلام عموما والقيادة الشرعية خصوصا، لانها متمسكة بخيار السلام؛ وبالتالي ثالثا لتعميق خيار العنصرية والصعود الى متاهة الفاشية وتداعياتها المعروفة.
لكن اي صوت عقلاني مؤمن بالسلام، ويعمل من اجله ترفضة حكومة إسرائيل جملة وتفصيلا. لانه يتناقض مع خلفيات وتوجهات صانع القرار الاسرائيلي الاستعمارية. وفي حال نجح وترسخ اي صوت واقعي يعمل من اجل العدالة الاجتماعية والسلم الاهلي وتعزيز ركائز الديمقراطية في المجتمع الاسرائيلي، فهو مرفوض، لانه يخلخل اسس ما بنته وكرسته طيلة العقود الماضية من إقامة الدولة الاسرائيلية الكولونيالية. لذا لا حلول وسط مع خطاب قناة "مساواة"، الامر الذي دفع بجهات الاختصاص الاسرائيلية باغلاق القناة للمرة الثانية، لتكميم صوتها، وإعدامها للحؤول دون مخاطبتها الشارع الاسرائيلي. الامر الذي يفرض على القائمين على الفضائية الدفاع عن صوتهم وخطابهم وحقهم الديمقراطي في البث إسوة بكل الفضائيات الاسرائيلية، التي تغص بالخطاب العنصري المدمر. ويفترض ان يبقى صوتها مدويا وعاليا، حتى لا يموت صوت العدالة الاجتماعية والتعايش والتسامح ودولة كل مواطنيها وبناء السلام المستند على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
اسباب مطاردة "مساواة": بقلم عمر حلمي الغول
27-06-2016
مشاهدة: 724
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها