إسرائيل دولة فوق القانون، وعندما تكون كذلك لا يعود شيء في سلوك قياداتها السياسية والعسكرية الامنية مستغربا او مستهجنا، بل قد يكون المستغرب ان لا ترتكب ابشع واقذر الجرائم والانتهاكات المعادية للمواثيق والاعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقيات جنيف الاربع.
في حادثة قد لا تكون فريدة من نوعها، لا سيما وان هناك انتهاكات يمكن ان نكون سهونا عنها او لم نسمع بها، استوقفتني، عنوانها إجبار ضابط مخابرات إسرائيلي الاسير المحرر احمد حسن نطط (38 عاما) من قطاع غزة على تطليق زوجته سميرة شوامرة من الخليل، وشطب اسمه من هويتها حتى يسمح لها العلاج في مستشفيات القدس. كونها تعاني من مرض السرطان.
وبدأت قصة الصراع مع المرض في العام 2009 فحاولت الزوجة التوجه للضفة لطرف اهلها ولمتابعة العلاج هناك، لكن المسؤولين في الشؤون المدنية ابلغوها، بانها إذا ذهبت للضفة لن تتمكن من العودة لغزة. وللالتفاف على ازمة العودة توجهت مع زوجها الى الاردن للدخول للضفة، لكن المخابرات الاسرائيلية اعتقلت الزوج نطط، عام 2011 وحكم عليه عامين بتهمة محاولة قتل الاسرائيليين والتحفظ على مطلوبين. ورغم وصولها الضفة رفضت جهات الاختصاص في سلطات الاحتلال الاسرائيلية منحها تصريحا للعلاج في القدس، وطالب ضابط المخابرات الاسرائيلي من اهلها تطليق ابنتهم من زوجها في غزة، ليسمح لها بالعلاج، وحرصا من الزوج على تأمين العلاج لزوجته، اضطر لتطليقها طلقة بينونة صغرى، لشطب اسمه من هويتها.
الموضوع ليس بسيطا، ولا يجوز ان يمر مرور الكرام دون ملاحقة المسؤولين في مؤسسات السلطة، الذين لم يؤمنوا التصريح للزوجة شوامرة. لان حملة بطاقات الهوية من الضفة او غزة يمكنهم التنقل وفق المعايير المعمول بها خاصة للمرضى، وبالتالي لا بد من البحث عن الخلل هل هو في عدم وجود تقارير طبية ام عدم قيام جهات الاختصاص في الشؤون المدنية بدورها كما يجب؟ ولماذا تم ابلاغها من قبل وزارة الشؤون المدنية بعدم امكانية عودتها؟ هل كان ذلك استسهالا وإعفاء للنفس من شرف المحاولة لتأمين تصريح للسيدة سميرة؟
المرء لا يشك بالجهود، التي يبذلها الاخوة في الوزارة المذكورة، ومن موقع المعرفة بالعديد منهم، ادرك انهم لا يبخلون بتأمين المساعدة لكل محتاج. مع ذلك السؤال يبقى مطروحا، ومن الضروري وضع اليد على نقطة الخلل هل هي عند العائلة ام عند الشؤون المدنية؟
وعلى الصعيد الاسرائيلي، منذ متى يحق لضابط المخابرات الاسرائيلي الجبان التقرير في مصير عائلة فلسطينية؟ صحيح ان سلطات الاحتلال تستطيع ان تعتقل وتقتل وتدمر وتخطف وتصادر وتحرق وتخرب، ولكن لم يحصل ان تدخلت تلك السلطات المجرمة بفرض طلاق زوج لزوجته؟ ووفق اي قوانين يتم ذلك؟ فلا قوانين الارهاب ولا الطوارئ البريطاني ولا غيرها من القوانين الاسرائيلية تسمح بهكذا جريمة؟ ولماذا لم تتم ملاحقة إسرائيل من قبل جهات الاختصاص من قبل الوزارات ذات الصلة؟ وألم تسمع الاجهزة الامنية الفلسطينية بالقصة؟ وان سمعت لماذا لم تتدخل؟
الجريمة الاسرائيلية المطروحة تحتاج الى ملاحقة على اعلى المستويات وحتى طرحها على المؤسسات الاممية ذات الاختصاص اولا لفضح إسرائيل؛ وثانيا لاسقاط والغاء الجريمة الاسرائيلية الجديدة، وعودة الزوج لزوجته، وتأمين العلاج المشرف لها؛ وثالثا لتدوين القضية في السجل الاسود لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وملاحقتها امام المحاكم المختصة، لاسيما وان الجريمة تتناقض مع اتفاقية جنيف الرابعة؛ رابعا بحث جهات الاختصاص القانونية والسياسية فيما يمكن عمله على اكثر من مستوى وصعيد لملاحقة إسرائيل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها