مليون و700 ألف مواطن فلسطيني في محافظات الجنوب يخضعون منذ أعوام تسعة خلت لسيطرة الانقلاب الحمساوي الأسود، الذي سعى القائمون عليه لفرض عقائدهم الدينية المشوهة والمتناقضة مع روح الوطنية الفلسطينية، رغم رفع شعار "المقاومة" على مدار الساعة وفي وسائل إعلامهم المختلفة. وأعلنوا بلسان قادتهم: إسماعيل هنية ومحمود الزهار والبردويل والمصري وغيرهم، انهم يحكمون باسم "الرب"، والادعاء بأن حكومتهم، هي "حكومة ربانية". وشاؤوا القول، انهم "لسان حال الله جل جلاله على الارض، دون غيرهم من القوى السياسية الاسلامية". اما فصائل وقوى منظمة التحرير، فهي خارج الحساب كليا؟!
سن قادة الانقلاب الحمساوي العديد من القوانين والقرارات المتناقضة مع النظام الاساسي (الدستور)، ومع التشريعات الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والتظاهر والتنظيم، حتى استلبوا العباد حرياتهم وآدميتهم وعملهم ونهبوهم عبر السن المتدحرج للعشرات من الضرائب غير الشرعية، واستنزفوا جيوب الفقراء قبل الأغنياء، ولعل زيادة عمليات الانتحار في اوساط الشباب في الشهور الأخيرة، التي كان آخرها الاسبوع الماضي انتحار محمد غزال (45 عاما) في مستشفى شهداء الأقصى، دليل جديد على عمليات الإفقار المتعمدة من قبل قادة الانقلاب للمواطنين.
ما تقدم شكل الارضية الخصبة والملائمة لانتشار الجماعات التكفيرية في قطاع غزة. وفتح الابواب امامها لتنقض على القيم الديمقراطية والوطنية عموما، ولتستبيح الفئات والشرائح العمرية والاجتماعية المختلفة خاصة الاطفال، الذين أخذت جماعات التهريج والتضليل باسم الدين في الآونة الاخيرة وباعتراف احد المعادين للدين الاسلامي الحنيف منهم، عبر شريط الفيديو الموزع على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المواقع الاخبارية الالكترونية، باجراء لقاءات في المدارس مع الاطفال ما دون الاثني عشر عاما، زادت عن الاربعين لقاء في محافظات القطاع لـ "اعادتهم للتوبة"، لا سيما وان هؤلاء افترضوا في انفسهم، انهم "رسل الله على الارض"، وكأن اولئك الاطفال الابرياء، الذين ما زال وعيهم جنينيا، لم يتبلور بعد، ارتكبوا من المعاصي ما يفترض دعوتهم لـ "توبة"، مع انهم لم يعرفوا بعد المعاصي، ولم ينضج وعيهم للانحراف عن السلوكيات الاجتماعية والوطنية والدينية المتعارف عليها، لأنهم لم يبلغوا سن الرشد لادراك ابعاد ما يهرف اولئك المهرجون والصراخ والدموع الكاذبة، دموع التماسيح التي يذرفونها كذبا على الله والاطفال على حد سواء وهم يدعونهم لـ "توبة"، للاسف إنساق بعضهم مع اكاذيب اولئك "المهرجون".
ثم عن اي توبة يتحدث اولئك لأطفال وبراعم بعمر الورود الغضة. ومن الذي يفترض ان يدعى للتوبة: الاطفال ام جهلة حركة حماس وقواها التكفيرية؟ ولماذا تترك مدارس الاطفال لقمة سائغة للمتوحشين من تلك الجماعات؟ واين هي فصائل العمل الوطني ومنظمات المجتمع المدني؟ واين المثقفون والاكاديميون المتنورون؟ واين وسائل الاعلام عن ملاحقة هؤلاء لتفضحهم وتعري خطابهم؟
الجريمة الجديدة، التي ترتكب تحت سمع وبصر قادة الانقلاب الحمساوي، تدلل للمرة الالف، ان حركة حماس ليست بوارد المصالحة، ولا هي معنية بتطبيق القانون والنظام الاساسي، للتمهيد للمصالحة، بل هي تسير قدما نحو خيارها الانفصالي غير عابئة بمصير ومصالح واهداف الشعب العربي الفلسطيني. الامر الذي يفرض على الكل الوطني دون استثناء وخاصة فصائل منظمة التحرير التحرك بقوة وفورا لانقاذ المجتمع الفلسطيني عموما والاطفال خصوصا من حملة الشعوذة والهرطقة لفرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، والتصدي لها، وعلى الآباء والامهات، ان يتحملوا مسؤولياتهم تجاه ابنائهم التلاميذ، من خلال حمايتهم وترشيد وعيهم كي لا يسقطوا في متاهة التكفيريين باسم الدين. وعلى كل من يشعر بالمسؤولية الاخلاقية والسياسية والوطنية من ابناء الوطن الفلسطيني التحرك فورا لايقاف عمليات اختطاف الاطفال.. أمل المستقبل وعنوان الريادة الفلسطينية. فهل يرتقي الجميع للدور المنوط به في معركة تطهير المجتمع من مغتصبي الدين الاسلامي الحنيف، وتحرير الوطنية الفلسطينية منهم كمقدمة لتحرير الارض من دولة التطهير العرقي الاسرائيلية؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها