العاهل السعودي، خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز في زيارة نوعية لمصر منذ يوم الخميس الماضي، ولمدة خمسة ايام، وهي أول زيارة له منذ توليه زمام المسؤولية للمملكة العربية السعودية، وهي تأتي بعد اكثر من عام على انطلاق عاصفة الحزم وعودة الأمل بحلف عربي تساهم فيه الشقيقة الكبرى مصر، وفي هذا التحالف ظهر بوضوح شديد ان منظومة الأمن القومي العربي شديدة التداخل وتتطلب المزيد من التماسك الجدي، كما تأتي بعد قليل من المناورات الاستراتيجية في منطقة حفر الباطن تحت عنوان رعد الشمال التي شاركت فيها عشرون دولة اسلامية، وهي جاءت قبل مؤتمرين يحتاجان الى قدر كبير من تصفية الأجواء العربية والاسلامية

اولهما، مؤتمر قمة دول التعاون الإسلامي الذي يعقد في تركيا وأبرز ما فيه الخلافات التركية المصرية، وهذه تطرح سؤالا كبيرا، وخاصة ان تركيا أردوغان الآن ليست في احسن حال بل تعاني من الإرهاب بعدما كانت تعتقد انها قادرة على استخدامه واللعب به، وثبت ان هذا الاعتقاد ليس في الصحيح.

اما المؤتمر الثاني فهو مؤتمر القمة العربية الذي اعتذرت عنه المملكة المغربية الشقيقة، وتستضيفه موريتانيا في شهر تموز القادم، واهم نقطة على جدول اعماله الخلاف المصري القطري والاتفاق على موقف موحد تجاه وحدة سوريا وسلامة اراضيها وعودة الدولة السورية لتلعب دورها العربي المأمول.

الزيارة لها أبعاد اخرى تتعلق بالعلاقات السعودية المصرية التي تتعرض لاشاعات سلبية، والمستقبل الاقتصادي المصري بصفة ان السعودية ومصر تشكلان معا اكبر اقتصاد في المنطقة، كما تفرض نفسها ايران بتحالفاتها المختلفة بحيث تعمل في التعاون الإسلامي على تهدئة المخاوف وعلى الاتفاق على صيغة بعلاقات ايجابية بين الأقطاب.

وهذه القضايا الكبيرة تحتاج الى محور قيادي والمطلوب ظهور هذا المحور الثنائي المصري السعودي حتى تكون القضايا الكبرى على جدول الأعمال فعلا،  عندها تعود فلسطين لتكون ابرز العناوين لأن السلوك الإسرائيلي الحالي لا يمكن احتماله، ولأن الأمم الكبيرة لا تكون الا بقضايا كبيرة، وليس عند العرب بعمقهم الافريقي والإسلامي والعالمي أكبر من قضية فلسطين.

زيارة مهمة جدا، يشرعنها التاريخ، وتفرضها التحديات والضرورات، نتمنى لها كل عناصر النجاح.