ما كشف عنه وزير مواصلات الاحتلال "يسرائيل كاتس" عن خطة لبناء جزيرة اصطناعية على بعد 4.5 كيلومترات من شاطئ غزة، وعليها ميناء ومنشآت طاقة ومطار لنقل البضائع إلى القطاع، وما طالب بالدفع نحوه، وصولا إلى قطع العلاقات مع القطاع، والتعامل معه كاقليم "لا يخضع للاحتلال"-وان كان عمليا في قبضة يده أميناً– وما يمنحه الحق بردعه، في حال خروج اي عمل امني من طرفه ضد اسرائيل، انما ينطبق عليه الانفصال لقطاع غزة عن دولة فلسطين، وليس تحررا من الاحتلال.
المقترح الذي يدعمه "كاتس"، قد يصوره البعض "المغفل" بانه تحرر او خلاص من الاحتلال، لكن قراءة سريعة للاجراءات التي ستحيط بخطة الفصل، تكشف انها خطة احتواء، لكن دون ان تتحمل اسرائيل اي ثمن سياسي اتجاه حقوق الفلسطينيين، مع اضافة مهمة لها، بانها قسمت فلسطين، او ما تبقى منها على الاصح، واصابت المشروع الوطني في مقتل.
الجزيرة المقترحة كحل اقتصادي لقطاع غزة، سيتم ربطها بجسر وعليه نقطة تفتيش، وعبره يتم نقل الكهرباء والماء والبضائع والأشخاص، على ان تتولى تركيا وحلف شمال الأطلسي مسؤولية سفن الشحن، وجميع البضائع سيتم فحصها من قبل أمن الموانئ الاسرائيلي قبل وصولها لغزة.
هذا الاقتراح بالطبع ليس وليد اللحظة، بل العمل جار عليه منذ منذ زمن بعيد، وتبلور بصورته النهائية قبل عامين، وقال عنه جنرالات إسرائيلية، في حديث نشرته صحيفة معاريف العبرية في آب 2015، ان بناء ميناء في قطاع غزة سيمنع اندلاع مواجهة جديدة بين حماس واسرائيل، وانه سيسهم في إشغال أهالي غزة لوقت طويل في بناء الميناء، ما يعني ان جنوب إسرائيل سيتمتع لوقت طويل بالهدوء، اضافة لما سيوفره من فرص عمل لالاف الغزيين، وسيجعل من اسرائيل بما تم بناؤه امرا موجعا للفلسطينيين، في حال اقدمت حماس على فتح مواجهة مع اسرائيل.
اليوم وحتى قبل انشاء الميناء، اسرائيل تنعم بالهدوء على جبهة قطاع غزة، تمهيدا لما سيتم تشييده، كعربون سلام، تحت الحساب، والتي قال عنها امس الاول الثلاثاء رئيس شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هليفي، امام لجنة الخارجية والامن الاسرائيلية ان سلطة حماس تبذل جهدها لمنع حصول تصعيد مع إسرائيل، وتعمل كعنصر لجم لباقي التنظيمات في غزة، كما تمنع إطلاق الصواريخ، مضيفا أن تحسين الوضع الاقتصادي للقطاع هو العنصر اللاجم الأهم، وان جهودا كبيرة تبذلها سلطة حماس للحفاظ على التهدئة، الا ان تخوف هليفي يكمن في انفجار الاوضاع الاقتصادية ما يستوجب حلا اقتصاديا مستعجلا، الامر الذي يدلل على التوافق على ان المشكلة بحسب وجهة نظر اسرائيل وحماس والوسطاء بينهما، هي اقتصادية وليست سياسية، او صراعا على الحقوق.
وللتذكير فان اسرائيل قد سبق لها وطرحت مشروع السلام الاقتصادي منذ جلوس نتنياهو على كرسي الحكم للمرة الثانية في اذار من عام 2009 ، عندما قال صراحة ان السلام الممكن هو الاقتصادي، مستبعدا الحديث عن الحل السياسي، وهذا كان جوهر الخلاف مع القيادة الفلسطينية، التي ترى العكس، بان لا قيمة لتطور اقتصادي، دون استقرار سياسي، وحل سياسي للصراع، من خلال التسليم بالحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، وتتويجها باقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67، وعاصمتها القدس الشرقية، بل ان السلام السياسي هو ما يجذب المشاريع الاقتصادية، ويوفر لها البيئة الصديقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها