أن تكون أغلى أنواع القهوة في العالم، هي العاجية السوداء التي تأتينا من المثلث الذهبي في تايلاند، ونكتشف أن مصدرها هو روث الفيلة، ونقبل بدفع ثمن باهظ لتذوقها، لا يعني بالضرورة أن نعبر عن سعادتنا بروث المواقف الدولية تجاه صراعنا مع الاحتلال الإسرائيلي، وان ندفع وجودنا ثمنا للقبول بها.

الفلسطينيون وعلى مدار سبعة عقود يدفعون الثمن، دماً ومعاناة وألما وتشريدا وإحباطا لم يتوقف، وما زال المطلوب منه أن يعبر عن سعادته بشكل دائم، رغم أن ما يُقدم له من حلول لقضيته، اقل بكثير من مقام روث الفيلة.

لم يطلب الفلسطينيون معجزة لحل لقضيتهم، ومطالبهم المشروعة تتآكل يوما بعد يوما، بسبب تغول السياسة الإسرائيلية عليها، وبسبب تكاسل المجتمع الدولي عن القيام بواجباته بالضغط على حكومة إسرائيل للإقرار بما أقرته الشرعية الدولية، وما توافق عليه البيت الدولي منذ قيام إسرائيل وفقا لقرار التقسيم، الذي تضمن قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل، فقامت الثانية، وما زالت الأولى تنتظر.

حكومة إسرائيل التي تدعي رغبتها بالسلام، وتتهم الفلسطينيين بالتحريض والعنف وزعزعة الاستقرار، لم تسأل نفسها ماذا تفعل يوميا من إعدام لأطفال لم يبلغوا بعد سن الرشد، وكيف تتم معاملة الأسرى في معتقلاتهم، ولم تسأل ماذا تبقى للفلسطينيين من ارض لم تعد تتجاوز 20% ليقيموا عليها دولتهم، وكان قد أنجزت في العام المنصرم بناء 2500 وحدة سكنية على أراضي الفلسطينيين، وكيف بالإمكان الاقتناع بمستقبل الجيرة، واحد اكبر الأحزاب الإسرائيلية (الليكود) يطالب بتهجير ربع مليون فلسطيني.

ان حكومة إسرائيل بمخرجاتها اليومية، لا يمكن أن تنتج قهوة بطعم روث الفيلة، ولن يدفع الفلسطينيون ثمنا للقبول بها، بل سيكون الأمر عكسيا عليها، وسيرتد على استقرارها وأمنها، الأمر الذي يوجب على مجتمعها أن يرفع صوته عاليا لكبح جنونها، ووقف عنجهيتها، إذا كان المجتمع الإسرائيلي فعلا راغبا بالعيش بالاستقرار، جار للمجتمع الفلسطيني، الذي لم يعد في جعبته ما يقدمه، فقد دفع الثمن مسبقا.