في السنوات الاخيرة، وتحديدا في زمن حكومات نتنياهو، أخذت إسرائيل تروج لأكذوبة جديدة لمواجهة قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقطع الطريق عليهم بالعودة لديارهم، التي طردوا منها عام النكبة 1948. الكذبة تقول، ان اليهود العرب، الذين يقدر عددهم بـ(850) الفا "تم طردهم" من الدول العربية لإسرائيل. وتضخيما للموضوع سنت حكومة الائتلاف اليميني الحاكم قانونا، يعتبر يوم الثلاثين من تشرين الثاني من كل عام، يوما لاحياء قضيتهم. أضف إلى ذلك، قامت ممثلية إسرائيل في الامم المتحدة امس الاول، بـ"إحياء ذكرى طردهم" من الدول العربية. وشارك في الهمروجة التضليلية الكونغرس اليهودي العالمي، ومؤتمر رؤساء الجالية اليهودية، ووزيرة المساواة الاجتماعية جيلا جملئيل، وعدد من الدبلوماسيين، الذين تساوقوا مع داني دانون، سفير دولة التطهير العرقي الاسرائيلية في الامم المتحدة. الذي قال إن "البعثة الاسرائيلية في الامم المتحدة ستهتم بإعلاء هذه القضية في الرأي العام الدولي". واضاف و"سنعمل على نيل الاعتراف باللاجئين اليهود من الدول العربية". وفي ذات السياق، دعت جملئيل "الامم المتحدة إلى إخراج قضية اليهود إلى النور". وتابعت "آن الأوان كي تنتصر العدالة"!؟

جميعنا يعرف المثل الشعبي القائل "اكذب اكذب.. حتى تصدق نفسك، ويصدقك الآخرون!" وهذه، هي، إسرائيل وقياداتها منذ تأسست، وهي تلوك الروايات الكاذبة لتؤصل لوجودها. فبدءا من شعار "ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض!" ومقولة "ارض الميعاد" والبحث عن الاثار لعلها تجد في ارض فلسطين التاريخية ما يعزز أسفار الصهيونية الكاذبة، إلا ان علماء الاثار، وحتى بعض من تساوقوا مع الرواية الصهيونية من الصهاينة انفسهم، بعدما تعمقوا في دراسة التاريخ، وشاهدوا بأم اعينهم الحقائق، اعترفوا بان لا وجود لما يسمى "شعب إسرائيل" من اصله.

والادعاء الكاذب بأن اليهود العرب، تم طردهم من بلدانهم، لا اساس له من الصحة، ويتناقض مع وقائع وشواهد التاريخ الحي. من قرأ تاريخ جرائم الحركة الصهيونية ضد اليهود العرب، يعلم علم اليقين، ان الترويج لبضاعة الطرد الفاسدة، لا تنطلي على احد، ولا يمكن لعاقل القبول بها. ومن يعود لتلك الجرائم، التي ارتكبت ضد متاجر ومصانع واملاك وكنس اليهود العرب في مصر وسوريا والعراق واليمن بهدف ترويعهم، ودفعهم للهجرة إلى إسرائيل. ومن تابع ايضا دور الحركة الصهيونية بالتعاون مع نظام نوري السعيد الفاسد في خمسينيات القرن الماضي، عندما ارغموا اليهود العراقيين العرب بركوب الطائرات تحت تهديد السلاح للهجرة لاسرائيل، يستطيع الوقوف على الحقيقة الناصعة، التي تؤكد، ان من ارغم اليهود العرب على الهجرة لاسرائيل "ارض المن والسلوى" هي المنظمات الصهيونية الارهابية، ومنها "الهاجاناة" و"إتسل" و"ليحي" و"الارغون". وبالتالي ادعاء نتنياهو وحكومته ومن لف لفه في الولايات المتحدة وكندا وغيرهم، انما هي ادعاءات كاذبة، وعارية عن الصحة والحقيقة.

اضف لذلك، من يتابع علاقة اليهود المغاربة العرب مع المملكة المغربية، يكتشف عمق التزوير الفاضح، لان المملكة الشقيقة لم تغلق الباب امام عودة اي مغربي لارض وطنه الام. ويقوم اليهود المغاربة وغيرهم بالزيارات للمغرب دون معيقات. كما ان الانظمة العربية المختلفة، فتحت الباب واسعا امام عودة اليهود العرب لبلدانهم. وبالتالي لا يوجد ما تسمى "مشكلة لاجئين يهود"، بل هناك جريمة فاضحة ارتكبتها الحركة الصهيونية العالمية وقاعدتها المادية إسرائيل بارغام اليهود للهجرة من بلدانهم. كما فعلوا مع اليهود الفلاشا والهنود والفرنسيين وغيرهم.

وإذا كانت جيلا جملئيل تريد للعدالة ان ترى النور، فعليها وحكومتها ان تسمح للاجئين الفلسطينيين العودة لديارهم، التي طردوا وشردوا منها، وان تكف عن الكذب والافتراء على العدالة، وعلى داني دانون المتطرف التوقف عن تضليل ذاته والاخرين، لان الرأي العام الدولي، بات يعرف إسرائيل، كدولة مارقة وخارجة على القانون ومعادية للسلام.