مضي ما يقارب 23 عامًا على توقيع اتفاقية أوسلوا، والتي كان من المفترض أن تنتهي عام 2005م على أقصي تقدير بإعلان قيام دولة فلسطينية بجوار دولة الاحتلال وتعيش بسلام جنبًا إلى جنب مع جيرانها؛ لكن أيٍ من ذلك لم يحدث، واستمرت المفاوضات مع دولة الاحتلال العنصري سنوات طويلة عجاف دون جدوي، وازدادت وثيرة الاستيطان والتهويد والمغتصبات التفت حول الضفة الغربية كالأفعى لتجسد حكومة الصهاينة الجدد حقيقة الفصل العنصري الأبرتهايد واقعًا حقيقيًا مقامًا على الأرض، وأصبح مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى المبارك ليل نهار، وقامت الاحتلال بارتكاب مئات المجازر بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل وخاضت عدوان وحشي على قطاع غزة ثلاثة مرات ارتقي خلال ذلك العدوان الارهابي الصهيوني الألاف من الشهداء والجرحى والمعاقين، كما أن الاحتلال اغتال العديد من قادة ورموز الشعب الفلسطيني وقام بقتل الشهيد الراحل القائد ياسر عرفات أبو عمار من خلال دس السُم له، وكذلك هددت الرئيس عباس من خلال وزير خارجية الاحتلال السابق المُجرم ليبرمان الذي اتهم الرئيس عباس بممارسة الارهاب السياسي وطالب برحيله؛
وتواصلت المذابح البشعة والمحرقة بحق الشعب الفلسطيني من قبل المستوطنين المجرمين والذين أحرقوا الطفل محمد أبو خضير حيًا واحرقوا عائلة الدوابشة بكاملها، وبعد فوز حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو اشتعلت وثيرة الاعتداءات بصورة وحشية ويومية ناهيك عن الاعتقالات اليومية والمداهمات لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية, وأصبح كل شيء مستباح من قِبل حكومة المستوطنين وبحماية جيش الاحتلال، وتنكروا لكافة الاتفاقيات السابقة، ولم يبقي من اتفاقية أوسلوا سيئة السمعة والصيت شيء إيجابي لشعبنا الفلسطيني يذكر بالخير؛
في ضوء كل ما سبق وفي ظل تعثر المفاوضات وانسداد الأفق السياسي مع حكومة هي بمثابة عصابة من المغتصبين الصهاينة، ومع اضمحلال حلم قياد دولة فلسطينية على الأرض ومحاولة الاحتلال التفاوض على دولة في غزة وحكم ذاتي في الضفة وإدارة مدنية يقودها جنرالات الاحتلال، وصلت القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية والشعب كلهُ على حقيقة واضحة كالشمس بأن هذا الاحتلال البغيض لا يؤمنون بالسلام وأنهم كلما عاهدوا عهدًا نبذهُ فريقٌ منهُم؛؛؛
لذلك ينتظر الشعب الفلسطيني والعربي وبعض قادة العالم المفاجأة التي سيفجرها الرئيس محمود عباس خلال خطابة المنظور والذي سيلقيهِ نهاية هذا الشهر أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ويأتي الخطاب بعد فشل انعقاد جلسة المجلس الوطني، واستمرار الانقسام الفلسطيني وفي ظروف عربية معقدة؛
وأعتقد أن الرئيس عباس سيلقي خطابًا يعكس فيه حالة الاحباط نتيجة الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وسيعلن وفاة أوسلوا من قبل الاحتلال الذي دفنها بلا رحمة، ولم يُبقي منها إلا ما يخصه من التنسيق الأمني وما يخدم مصلحة الاحتلال؛
وأتصور أن الرئيس سيتحدث بصورة مستفيضة عن ممارسات المستوطنين و حكومة الاحتلال الصهيونية، وتنكرها لكافة الاتفاقيات الموقعة، وجرائم المستوطنين وحرق عائلة دوابشة رحمهم الله حتى الموت؛
وسيتحدث عن تنصل اسرائيل وحكومة نتنياهو اليمينية من عملية السلام و حالة الاحباط و اليأس التي يعيشها الفلسطينيون وحقهم في انهاء آخر احتلال في العالم، ويستطرق الرئيس عباس حسب تحليلي عن القدس الشريف والاجراءات الاسرائيلية التعسفية بحق المسجد الأقصى المبارك ومحاولة تقسيمهُ زمانيًا ومكانيًا، والمهم بعد كل هذا الخطاب السياسي و العاطفي المؤثر سيكون الجميع في انتظار المفاجأة التي تحدث عنها الرئيس وقد يعلن عن انتهاء اتفاقية أوسلوا بفعل اجراءات الاحتلال القمعية وتحميل دولة الاحتلال المسئولية الكاملة وممكن أن يعلن " أن فلسطين دولة تحت الاحتلال" ويطالب بتدويل القضية، ويذهب لأبعد من ذلك بوقف التنسيق الأمني، ورمي مفاتيح السلطة في وجه الاحتلال والغاء البروتوكول الاقتصادي والشعور العام السائد الأن عند القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أن مرحلة مضت قد اوشكت على الانتهاء اسمها أوسلوا، وأن مرحله جديدة قادمة على الابواب، وبرغم كل ما قيل يبقي موضع التحليل والاستنباط والاستقراء الذي يحتمل الصواب والخطأ؛ وليس هناك تقدير أو وضوح رؤيا عن طبيعة المرحلة الجديدة المقبلة، لكن ما هو واضح أن الجميع بات يجهز نفسهُ لمرحلة قادمة ليست بالسهلة؛؛ لكن الشعب الفلسطيني الذي قدم قادتهُ شهداء قبل أبناء شعبهِ سيلتف حول القيادة في كل قرارات من شأنها أن تزيل شبح الاحتلال والانقسام عن شعبنا مهما كان الثمن غالياً ولننتظر جميعًا الأيام القليلة القادمة نهاية هذا الشهر وما ستحملهُ في طياتها من خطاب الرئيس عباس التاريخي والهام كما وصفهُ الكثير من المتابعين والمحللين للوضع الفلسطيني وإن غدًا لناظرهِ لقريب...
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها