بعد انطلاق عاصفة الحزم بقيادة السعودية ومعها حلف عربي كبير توسع ليشمل السنغال وماليزيا، واستقطبت قرارا من مجلس الامن هو القرار 2216، تطور الصراع في اليمن وحول اليمن الى افاق جديدة، الى ضرورات جديدة نابعة من معطيات الميدان نفسه، إلى عزل محافظة صعدة واعادتها الى معادلة ماقبل 2004، حيث المعركة التي خرج منها الحوثيون، أو انصار الله من المعادلة اليمنية برمتها، بل وخرجوا عن المنظومة الأمنية للمنطقة كلها، فاصبحوا يشكلون تهديدا للسعودية والمجموعة الخليجية، واصبحوا يشكلون تهديدا لأمن البحر الاحمر بصفته طريقا رئيسا من طرق التجارة البدلية بل واصبحوا يشكلون تهديدا لقناة السويس وكل ذلك لا علاقة له بضرورات المنطقة التي ينتمون اليها، بل كجزء من لعبة اخرى متمثلة بالدور الإيراني، دون ان يسأل الحوثيون انفسهم ان كانت ايران بمستوى طموحاتها غير المشروعة ام لا، وهل المعادلة الدولية تسمح لايران ان تقفز عن الحدود وتفعل ما تريد؟
وهاقد وصلنا الى عملية تحرير صعدة مسقط راس الجماعة الحوثية التي انطلقت من دوافع ضيقة، لأن كثيرا من الزيديين اليمنيين بأجزائهم وتكويناتهم لم يتوافقوا مع الحركة الحوثية، ما اضطر الحوثيين ان يضعوا ايديهم في يد خصمهم الذي قاتلهم بضراوة مرات عديدة، وهو الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهم يعرفون ان اللقاء معه هو لقاء تكتيكي لان الدوافع مختلفة الى حد التناقض.
واعتقد ان عملية تحرير صعدة التي بدات تحت عنوان "السيوف القاطعة" سوف تمضي قدما, وهى تعني في اقل تقدير عزل الحوثيين عن مسقط راسهم، وعن ميراثهم، و عن مدهم الشعبي، وجعلهم يصبحون قوة في الفراغ مهما حاولوا وشاغبوا فإنهم ذاهبون الى النهاية رغم ان ذلك سوف يكلف الشعب اليمني خسائر كبيرة.
مشكلة الحوثيين أنهم راهنوا على ما لا يعلمون، وراهنوا على ايران، وضعوا انفسهم ومظلوميتهم وتراثهم كله في يد ايران والاخيرة تتصرف به كما تشاء في معركتها وطموحاتها التي ليست بالضرورة عادلة أو ناجحة، وقد وضعت إيران منذ اللحظة الأولى لعاصفة الحزم في اختيار صعب فهي تحت الرقابة الشاملة، وهي تخوض مفاوضات صعبة حول برنامجها النووي شكليا، وحول دورها الذي تطمح ان تكلف به موضوعيا، فبدأت عاصفة الحزم في توقيت حاسم جدا حرم ايران من المبادرة، وبالتالي وجد الحوثيون انفسهم يدخلون المعركة وحليفهم الإيراني الذي يعتمدون عليه مقيد اليدين.
التحالف الكبير الذي تقوده السعودية يتقدم بثقة، وبتفهم واسع من المجتمع الدولي، ويصمد هذا التحالف تحت عنوان الضرورات القصوى، ويجيد قراءة الواقع الإقليمي والدولي، ويجيد ايضا قراءة الميدان وخصوصياته، بينما الحوثيون الذين كانوا قد حققوا مكاسب كبيرة من مخرجات الحوار الوطني الذي كان يديره الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي غامروا بكل شيء وذهبوا للرهان على الأوهام، ولم تنفعهم الكلمات الضخمة التي يقلدون بها غيرهم، فماذا لو فقدوا صعدة نقطة انطلاقهم واصبحوا قوة تائهة في الفراغ؟
معركة السيوف القاطعة: بقلم يحيى رباح
23-05-2015
مشاهدة: 826
يحيى رباح
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها