منذ تم تكليفه تشكيل الحكومة، ونتنياهو يدور ويناور مع معسكر اليمين المتطرف: البيت اليهودي، واسرائيل بيتنا، و(كلنا) والحريديم (شاس ويهوديت هتوراة) لارضاء رغبات كل طرف على انفراد من الحقائب الوزارية ونواب الوزراء ولجان التخطيط اضافة لرئاسة اللجان في الكنيست لعله يتمكن من تشكيل حكومته الرابعة.
أنهى جولة الاسابيع الخمسة، ولم يفلح في تقريب وجهات النظر؛ وضاعت جولة الاسبوعين الاضافيين، وايضا لم تتحرك عربة الحكومة، حتى ان رئيس الحكومة المكلف، سرب خبر لقائه سرا مع هيرتسوغ، للايحاء لاقرانه في معسكر اليمين، انه مستعد للذهاب بعيدا لتشكيل الحكومة، حتى لو ادى ذلك لتشكيل حكومة وحدة وطنية، الا ان زعيم حزب العمل، نفى ان يكون التقاه، مؤكدا اصراره على البقاء على رأس قطب المعارضة. غير ان لعبة نتنياهو، لم تنطل على احد من اقرانه في معسكر اليمين، لذا كل منهم تمترس وراء طلباته وحصته من كعكة الحكومة.
لكن مع انتهاء الفرصة الثانية، ومنحه الرئيس ريفلين الفرصة الاخيرة، بات الامر أكثر حرجا لزعيم الليكود وأقرانه من معسكر اليمين، ولم يعد امامهم متسع من الوقت للمناورة، لاسيما ان رئيس الحكومة يعلم، ان حلفاءه من اليمين الصهيوني، متهافتون على المشاركة بالحكومة، وحدود مناورتهم ضاقت الى الحد الاقصى، وليس لديهم استعداد للتفريط بمواقعهم في الحكومة. باستثناء كحلون، الذي يملك اوراق مناورة كبيرة، وليس مستعدا لتقديم تنازلات لصالح حلفاء نتنياهو، لا في المواقع الوزارية ولا في نواب الوزراء او رؤساء اللجان وعلى الاخص رئاسة لجنة التخطيط المالية، وليس مستعدا للتفريط بشرطه، عدم تعرض الحكومة او الائتلاف للمحكمة العليا والانتقاص من مكانتها او من قوانينها الحامية لدورها. ولادراك رئيس الحكومة المكلف، ان زميله السابق في الليكود يحتل موقع بيضة القبان، لذا في اجتماعه الاخير به نهاية الاسبوع الفائت، استجاب لمطالبه.
الحديث عن الحكومة الرابعة بقيادة بنيامين نتنياهو، لا يتطلب الدخول في التفاصيل المملة، ومناورات رؤساء الاحزاب، وانما تفرض المعالجة الواقعية والوقوف عند الخطوط العامة لقوى المعسكر اليميني من زاوية، اولا، براغماتيتهم العالية في المناورة؛ ثانيا، تهافتهم على المشاركة في الحكومة؛ ثالثا، الحرص على ابقائهم في المشهد السياسي والمقرر فيه؛ رابعا، عدم السماح بتشكيل حكومة وحدة وطنية، كي يتمكنوا من تنفيذ مخططهم الداخلي السياسي والاقتصادي، ولتنفيذ مشروعهم المتناقض مع السلام، لجهة تصعيد وتيرة الاستيطان الاستعماري؛ ولقطع الطريق على خيار التسوية السياسية وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ خامسا، حرص البعض على الموازنات المالية، وهذا يخص القوى الدينية؛ سادسا، لقطع الطريق المعسكر الصهيوني من تشكيل الحكومة.
في ضوء قراءة نتنياهو لحدود مناورة حلفائه، فانه مد لهم الخيط طيلة المهل السابقة، وحاول ارضاءهم من خلال تدوير الزوايا فيما بينهم، ان كان فيما يتعلق بوزارة الاديان او الخارجية او الداخلية والمالية او اللجان، لكن لم يعد امامه ولا امامهم الكثير من الوقت، وطالما ارضى كحلون، فانه يستطيع ان يفرض رؤيته على الآخرين، وهذا ما تشير اليه مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث يبدو انها باتت في ربع الساعة الاخيرة لترى النور. والاعتقاد انها ستتشكل قبل السابع من ايار المقبل.