للعلاقات الخارجية في حركة فتح والثورة الفلسطينية تاريخ حافل ومجيد صنعته كوكبة من القيادات التاريخية في مقدمتهم ياسرعرفات، وخليل الوزير (أبوجهاد)، وصلاح خلف (أبواياد)، ومحمود عباس (أبو مازن)..ابوعمار وأبوجهاد فتحا العلاقات مع الصين وحركات التحرر في آسيا وأفريقيا قبل الانطلاقة اذ كان أبو جهاد عام1962 ممثلا لحركة فتح في الجزائر وأجرى اتصالات بحركات التحررالتي كان لها ممثليات هناك والتقى قادة ثوريين مثل الجنرال جياب، وتشي جيفارا، كما فتح ياسر عرفات العلاقة مع الاتحاد السوفييتي منذ عام 1969، كذلك فتح أبو اياد علاقات مع العديد من الدول الأوروبية، وشارك أبومازن في فتح علاقات مع حركات التحرر في أميركا اللاتينية والاتحاد السوفييتي ولاحقا مع روسيا الاتحادية.
ولعلّ ما قام به ياسر عرفات من جهود وعمل سياسي ودبلوماسي في افريقيا، وقدرته على كنس النفوذ الاسرائيلي الذي حققته حكومة جولدا مائير في وقت من الأوقات، يعتبر عملا عبقريا رسّخ الحضور الفلسطيني وعدالة القضية الفلسطينية، ورسخ اصطفاف أفريقيا بأسرها وراء كفاح شعبنا، كثير من الدول الافريقية وحركات التحرر الأفريقية دعمت الثورة الفلسطينية، ووقفت الى جانبها، بل انّ دولا افريقية اعترفت بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني قبل أن تعترف بها الجامعة العربية. وكان ياسر عرفات يحضر ويشارك في القمم الافريقية منذ مطلع السبعينيات، ولم يكن الأمر يخلو من بعض المتاعب مع بقايا بعض الجيوب التي لم تقطع صلاتها باسرائيل . ومن ذلك رواية يتندر بها السياسيون حدثت في قمة افريقية عام 1975 وكان ياسر عرفات يحاول اشاعة رأي عام حول مشروع قرار الى الأمم المتحدة يعتبر الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية والتمييز العنصري. حضر ابوعمار وترأس وفدا كبيرا من بين أعضائه فاروق القدومي،زهير محسن، ياسر عبدربه، عبد الجواد صالح، وعبدالمحسن أبو ميزر.وتحدث ابوعمار عن اسرائيل وممارساتها العنصرية باسهاب وأيدته عدد كبير من الدول، غير ان رئيسين فقط عارضاه وهما : موبوتو سيسيسيكو رئيس زائير التي تسمى الان الكونغو الديموقراطية، والجنرال يعقوب جوؤون رئيس نيجيريا، وحدث نقاش ساخن بين أبوعمار ويعقوب جوؤون تحول الى ملاسنة، لكن سرعان ما تدخل بعض الحكماء من القادة الأفارقة وعملوا على تهدئة الجو. واستأنف المؤتمر أعماله .. وحدثت بعدها الحكاية، اذ جاء أحد معاوني الرئيس يعقوب جوؤون وانحنى وهمس في أذنه، فامتقع وجه الجنرال وقام من مقعده وغادر القاعة . ولفت ذلك الأنظار، وتبين بعد دقائق أنّ انقلابا عسكريا قد حدث في بلاده نيجيريا . ويقال بأنّ أبوعمار علّق قائلا: انها لعنة فلسطين التي تشبه لعنة الفراعنة.. وسواء قالها أبوعمار أم قالها غيره فانها انتشرت كطرفة من الطرف التي يحلو للسياسيين تداولها . ومهما يكن من أمر، فان ياسر عرفات قد صنع تراثا من علاقات الصداقة والمحبة مع افريقيا وحكمائها وقادتها.. تراثا شكل رصيدا لا ينضب، وما زلنا نقطف في علاقاتنا مع القارة السمراء ثمار ما زرعه ياسر عرفات حتى الآن .