نتيجة تصعيد حكومة نتنياهو واعضاء الكنيست من الائتلاف الحاكم وقطعان مستوطنيها والاجهزة الامنية من جرائمها وانتهاكاتها، التي مست بحياة ومصالح ومنازل وعقارات المواطنين الفلسطينيين في القدس، واماكن العبادة عموما والمسجد الاقصى خصوصا، ومواصلة اعلان العطاءات لبناء المئات والآلاف من الوحدات الاستيطانية الجديدة في المستوطنات الاسرائيلية، تعاظمت حالة السخط والغليان في اوساط ابناء الشعب هناك، ودخلت مرحلة متطورة في الرد على جرائم الحرب الاسرائيلية منذ ان قامت باختطاف الفتى الشهيد محمد ابو خضير في حزيران الماضي، واعتقدت القيادات الاسرائيلية من مختلف الوان الطيف اليميني واليميني المتطرف وحتى بعض من يدعون انهم من اليسار الصهيوني، ان ابناء القدس العرب الفلسطينيين يمكن ان يخضعوا لفلسفة الامر الواقع، غير ان اتساع دائرة المواجهة في الحرم القدسي الشريف وفي احياء وشوارع العاصمة الابدية لفلسطين المحتلة، كان الرد الطبيعي على سعار الحرب الدينية، التي تؤججها حكومة الحرب والموت الاسرائيلية. 
وشهدت الاسابيع الثلاثة الاخيرة عمليات تصعيد من قبل الشباب الفلسطيني، المؤمن بعدالة قضيته، والمدافع عن كرامته وكرامة وطنه وشعبه لكبح جماح التغول الفاشي الصهيوني في القدس، ومن هذه العمليات، كانت العملية، التي نفذها الشهيد ابراهيم العكاري، ابن الثمانية والاربعين عاما ضد قطعان المستوطنين وضباطه وجنوده في القدس، عندما قام يوم الاربعاء الماضي، باستخدام سيارته كسلاح للرد على ارهاب الدولة الاسرائيلية من خلال اقتحامه للمنتظرين على محطة القطار الخفيف في حي الشيخ جراح، فاوقع بينهم قتيلاً وجرح عشرة آخرين. فقامت الدنيا ولم تقعد في اوساط المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة بالتحريض على شخص الرئيس محمود عباس، واتهموه مباشرة، بانه «من قاد» السيارة، وهو «من اعطى الاوامر» الى آخر الحملة المسعورة، وتناسوا ان جرائمهم وانتهاكاتهم وبطشهم ووحشية استيطانهم، كان وما زال المولد لكل مظاهر السخط والغضب والغليان والعنف. 
وبعيدا عن عملية التحريض المفضوحة ضد شخص الرئيس عباس, وبالتركيز على شخص الشهيد البطل ابراهيم العكاري، الذي حاولت حركتان حماس والجهاد الاسلامي، الادعاء بأن المناضل الوطني، يتبع لهما. غير ان الحقيقة كما أكدت عائلته وذووه، بأنه لا ينتمي الا لوطنيته ولشعبه ولخياره السياسي. ولا انتماء له لا لحماس، التي شاءت استثمار استشهاده لتروج لبضاعتها المتساوقة مع بضاعة حكومة نتنياهو بغض النظر عن الشعار السياسي المعلن، الذي يبدو في الظاهر متناقضا، ولكنه في الجوهر متوافق، لأن كلا من حماس وحكومة بيبي، يريد سحب البساط من تحت اقدام الشرعية، وضرب ركائز التسوية السياسية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. 
الشهيد البطل ابراهيم العكاري، اسوة بالأغلبية من الفلسطينيين، ليسوا بحاجة الى يافطة تنظيمية، على اهمية الانتماء لهذا الفصيل او ذاك، كي ينفذوا اعمال بطولية ضد المحتلين الاسرائيليين. لأن كم الجرائم الوحشية، والممارسات المعادية لمصالح الشعب الفلسطيني تنتج عوامل محفزة للجوء الفلسطينيين للدفاع عن انفسهم وعن ترابهم الوطني وخيار السلام وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 67، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. 
رحم الله الشهيد العكاري، ورحم كل الوطنيين من ابناء الفصائل والمستقلين الوطنيين امثال ابراهيم وغيره. والبقاء للمشروع الوطني والنصر للشعب والاهداف الوطنية.