وكأننا صرنا عبيداً تنقلنا السفن بحراً وتلقي بنا إلى حيث ألقت.. هذا ما يتعرض له فلسطينيون خرجوا من غزة بعد أن شبعوا انتصارات باحثين عن طعم الهزيمة في البحر الأبيض المتوسط.. أو فروا من سوريا حيث المذابح المتبادلة بين النظام البراميلي المتفجر وكتائب وألوية ترفع راية لا إله إلا الله وتمارس نقيضها من أفعال الشيطنة. بعد غرق مئات الفلسطينيين في البحر قبالة سواحل ايطاليا ومالطا ومصر ربما بتواطؤ من مهربين قتلة، القى مهربون بعشرين فلسطينياً كانوا في تركيا على جزيرة مصرية بدلاً من ايصالهم إلى ايطاليا.. أوهموهم أن الجزيرة ايطالية فإذ بها مصرية وهم الآن قيد الاعتقال في الاسكندرية، وهذه نعمة لأنهم نجوا من الغرق في البحر إلى غرق الاعتقال.. ولا نعلم ما سيحل بهم.
ذات سنة إبان الحكم التركي الرشيد والعادل لديارنا تحت راية الخلافة العثمانية حيث تكاثر الفارون من العدل العثماني، هاجر شقيقان من الجليل إلى العالم الجديد أي أميركا الجنوبية وركبا البحر من حيفا.. ووصلت السفينة إلى جزيرة في البحر والقت بهما على رصيف الجزيرة وواصلت رحلتها.. وتبين لهما أن السفينة الظالمة انزلتهما قبالة الساحل السنغالي على جزيرة لتجميع وتصدير العبيد إلى العالم الجديد.. فركبا قاربا إلى داكار.. وعاشا هناك مشردين لكن عبقرية الفلسطيني في كثير من الأحيان تتفتح في الغربة فعملا واجتهدا وافتتحا صيدليات وأقاما شركة متعددة المجالات وجلبا أقارب لهما من الجليل وما زال ورثتهما هناك رجال أعمال ناجحين.
الان فان الذين تم خداعهم من غزة أو سوريا وجدوا أنفسهم في قاع البحر.. أو على جزيرة مصرية وانتهوا بالاعتقال وهات يا واسطات وتدخلات لاخراجهم من ورطة الاعتقال. وأي بلاد ستقبل بوجودهم، فالأرض العربية الواسعة التي تقبل كل أشكال اللجوء من جهاديي النكاح إلى المارينز المرحب بهم دوماً.. لا تقبل الفلسطيني اللاجئ والمشرد.
انتهى عصر العبودية وما زلنا عبيداً يستهان بنا وينكل بنا.. فلنتماسك فوق أشبار أرضنا ولا نبرح هذا التراب والموت دونه.. فلا ملاذ لنا إلا هنا ولا مغيث لنا إلا أنفسنا. ولنقل دوماً إننا قطعة من تراب إن لم نكن حديقة.. فلنكن قبراً..