يبدو واقع الحرب في قطاع غزة بعيدا كل البعد عن مدينة تل ابيب مع مرتادي الشواطىء والحفلات والحانات والمطاعم، بينما يجهد الصحفي اليساري جدعون ليفي لنقل ما يحدث على الجانب الآخر من الحدود، ما ادى الى اتهامه "بالخيانة".
وليفي الكاتب المعروف في صحيفة "هآرتس" يعد رمزا لمعارضي عملية (عدوان) "الجرف الصامد" التي اطلقتها اسرائيل في 8 تموز الماضي ضد قطاع غزة. ويعرف عن ليفي مواقفه المدافعة عن القضية الفلسطينية ولكنه اصبح يعد "خائنا" في اسرائيل بعد ان كتب مقالا في منتصف تموز الماضي اتهم فيه الطيارين الاسرائيليين "بارتكاب أفظع الاعمال" في قطاع غزة.
وجاء رد الفعل على مقال ليفي عنيفا حيث الغى العديد من القراء اشتراكاتهم في صحيفة هآرتس كما هدد عضو الكنيست الاسرائيلي ياريف ليفين وهو أمين عام الائتلاف الحكومي في اسرائيل بملاحقته قضائيا بتهمة "الخيانة". ووصل الامر ببعض الاسرائيليين الى الاعتداء عليه بالضرب في الشارع ما دفع هآرتس الى توظيف حراس شخصيين له.
وكان ليفي أثار بالفعل جدلا واسعا في عملية "الرصاص المصبوب" ضد قطاع غزة اواخر عام 2008 حيث كتب مقالا انتقد فيه الجيش الاسرائيلي ولكن لم تكن ردود الفعل الغاضبة بهذا الحجم.
وقال ليفي في مكتبه "لم أواجه من قبل ردود فعل عدائية كهذه، ابدا". وقال انه يخشى الذهاب الى المقاهي حتى لا يتعرض لاعتداءات من مواطنين او جنود اسرائيليين.
ويدعم الراي العام الاسرائيلي بغالبية مطلقة الحرب ضد قطاع غزة حيث اشار استطلاع رأي نشره المعهد الديمقراطي الاسرائيلي ان 95% من الاسرائيليين اليهود يدعمون العملية.
وقال ليفي "منذ سبع سنوات والحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة تحرض على العنصرية عبر القوانين غير الديمقراطية التي تنزع صفة الانسانية عن الفلسطينيين في وسائل الاعلام، ووصل هذا الى ذروته وقت الحرب". واضاف بمرارة "كل الناس لا تهتم ابدا بالمعاناة في غزة واكثر من ذلك، ان تجرأت على التعاطف فانك تصبح خائنا". واعرب عن امتنانه في ذات الوقت لرئاسة تحرير صحيفته وبعض القراء الذين دعموه. وأكد "حظيت بكثير من الدعم من الخارج في اوروبا والولايات المتحدة وباكستان وجميع انحاء العالم، ولكنه أقل في اسرائيل".
وفي الاسابيع الاخيرة، خرجت عدة تظاهرات ضد العملية العسكرية في غزة وجمعت احداها بضعة الاف ولكنها جميعا شهدت مواجهات مع متظاهري اليمين المتطرف. والسبت الماضي، قبيل دخول التهدئة حيز التنفيذ، تجمع نحو مئة شخص في ساحة رابين في تل ابيب للتظاهر ضد الحرب، متحدين حظر التظاهر الذي فرضته السلطات الاسرائيلية تخوفا من سقوط صواريخ من قطاع غزة.
وقامت مجموعة من مؤيدي العملية العسكرية بتظاهرة مضادة قبالتهم حاولوا فيها الاعتداء على المتظاهرين ما دفع الشرطة الاسرائيلية الى خلق منطقة عازلة للفصل بين التظاهرتين. وفي الاسابيع الاولى للعملية العسكرية ضد قطاع غزة، دوت صفارات الانذار بشكل شبه يومي في تل ابيب التي تبعد نحو 90 كيلومترا عن القطاع.
ولكن الحياة عادت الى طبيعتها في تل ابيب، حيث خرج الجميع الى الشواطىء والمطاعم والمقاهي بينما عاد الفلسطينيون في قطاع غزة الى منازلهم التي دمر معظمها بفعل القصف الاسرائيلي الكثيف.
وتعقيبا على ذلك يقول ليفي "الحياة مستمرة. لا أحد يهتم بالثمن الذي دفعه الجانب الآخر...لا احد يهمه حجم الدمار والقتل في غزة".