درج الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا على استخدام مفاهيم لا علاقة لها بواقع الحال في الصراع في مناطق العالم المختلفة وخاصة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. ومن بين المفاهيم والمصطلحات، التي إعتاد تعميمها:
اولاً: مفهوم الدفاع الاسرائيلي عن النفس. والسؤال، الذي يطرح نفسه على العالم ككل، هل دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، تدافع عن نفسها ام انها تدافع عن إحتلالها واستيطانها للارض العربية الفلسطينية؟ وهل الفلسطينيون هم المعتدي على إسرائيل ام الوجود الاحتلالي الاسرائيلي بحد ذاته على الارض الفلسطينية، هو العدوان والجريمة؟
من حيث المبدأ استخدام المفهوم، فيه اعتداء صارخ على حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى القانون الدولي وحقوق الانسان؛ كما انه اعتداء على لغات العالم، وفيه امتهان للعقل البشري، عندما تعمم الولايات المتحدة، مفهوم متناقض مع الحقائق والشرائع الدولية، وتتساوق مع خيار دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، مع انها الراعي الاول للتسوية السياسية. لأن دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، لا تدافع عن نفسها، انما تدافع عن إحتلالها، واستيطانها للارض الفلسطينية، وتستبيح الارض والسكان الفلسطينيين على حد سواء. وهي بالاساس دولة مارقة، قامت على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، وما زالت تمارس عملية التطهير العرقي ضد ابناء الشعب الفلسطيني حتى يوم الدنيا هذا. وبالتالي لا يمكن المساواة بين الضحية والجلاد، ولا يمكن تبرير الاعتداءات الاسرائيلية مهما كان شكل المقاومة الفلسطينية، لأن الشرعية الدولية كفلت للفلسطينيين استخدام كل اشكال الكفاح حتى تحرير الارض الفلسطينية المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
ثانياً: الحرب الجارية الآن، يجري حرف الانظار عن طبيعتها ومضمونها، فتقوم وسائل الاعلام الاسرائيلية والاميركية والغربية عموما، بوصفها حربا بين إسرائيل وحركة حماس؟ والحقيقة ان الحرب ضد ابناء الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية. لأن المستهدف وحدة وهوية الشعب الفلسطيني واهدافه الوطنية. كما ان الحرب شملت وتشمل كل ابناء الشعب الفلسطيني دون اسنثناء. والتركيز على فصيل بعينه، يخفي هدفا معروف ومعلوم لكل ذي بصيرة سياسية.
ثالثاً: مفهوم الارهاب: ان وصف المقاومة الفلسطينية ب"الارهاب" لا اساس له من الصحة. وللاسف وقع البعض الفلسطيني في خطأ تبني هذا المفهوم تحت ضغط لحظة سياسية بعينها، معتقدا بذلك، انه يدرأ اخطار العدوانية الاسرائيلية، ويقطع الطريق على سيف التهديدات الاميركية والاوروبية. مما دفع هذا البعض لتبني المفهوم الخاطئ والخطير، متناغما من حيث لا يدري مع المنطق الغربي والاسرائيلي.
وصف المقاومة الفلسطينية ب"الارهاب" لا ينسجم مع المنطق العقلي، ولا مع مواثيق وشرائع الامم المتحدة، ولا مع حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحررها من ربقة الاحتلال والعدوان. وبالتالي على العالم اجمع وخاصة الغرب وتحديدا الولايات المتحدة، التوقف عن وصف المقاومة بالارهاب، لأن منشأ واصل الارهاب يكمن في الاحتلال والعدوان الاسرائيلي، في الاستيطان وتهويد ومصادرة الاراضي وهدم البيوت واعتقال الابرياء من الاطفال والنساء
والشيوخ، وسحب الهويات وبناء جدار الفصل العنصري والعزل والانتهاكات الخطيرة والاجتياحات للمناطق الامنة.. وغيرها.
هذا هو الارهاب، وهذا هو العامل المؤصل للنزعات العنصرية والفاشية الاسرائيلية. الامر الذي يضع علامة استفهام كبيرة على كل وسيلة او منبر اعلامي او قيادة سياسية لهذا البلد او ذاك تستخدم مفهوم "الارهاب " في وصف المقاومة الفلسطينية، لأن المقاومة اي كان شكلها، هي مقاومة مشروعة وتنسجم وروح القانون الدولي.
هناك كثير من المفاهيم والمصطلحات يتم قلب دلالاتها السياسية، بهدف تضليل الرأي العام العالمي،و بهدف تشوية الحقائق، فتنقلب الصورة رأسا على عقب فتصبح الضحية "جلاد" ويصبح الجلاد "ضحية"، وهذا ما يحصل مع الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية، الدولة الممارسة للاحتلال والعدوان، الامر الذي يحتم على القيادة
الفلسطينية والعرب وانصار السلام في العالم إعادة الاعتبار لمفهوم المقاومة الوطنية الفلسطينية، ووصم دولة إسرائيل المحتلة بما يتناسب ودورها الارهابي المعادي للسلام وتعايش الشعوب.