في فن القيادة نظريات عديدة منها نظرية الرجل العظيم التي سقطت، ونظرية السمات/الخصائص للشخصية التي أصبحت ماضي، ومن النظريات الحديثة: النظرية الوظيفية،النظرية الموقفية، النظرية التفاعلية/ التكاملية، النظرية الإلهامية، النظرية التبادلية، النظرية التحويلية، نظرية مركزية المبادئ (يراجع الباحث أحمد بن عبد المحسن العساف في بحث مهارات القيادة وصفات القائد، الرياض)
ونحن في إطار حديثنا هنا عن التفاعل التنظيمي وصلب التنظيم، من الأجدر أن نركز على النظرية التفاعلية التي يطلق عليها أصحابها أيضاً النظرية التوافقية، وتقوم هذه النظرية على فكرة المزج بين متغيرات النظريات السابقة، فهي تأخذ في الاعتبار السمات الشخصية والظروف الموقفية والعوامل الوظيفية معاً، وتعطي النظرية أهمية كبيرة لإدراك القائد لنفسه، وإدراك الآخرين له وإدراكه للآخرين، فالحياة التنظيمية(وأي حياة فيها تفاعل داخل أي جماعة بشرية)مثلا تتطلب سمات معينة للكادر والقائد، وتختلف هذه السمات باختلاف الموقف الذي يوجب استخدام بعضها وتوفره، كما يختلف سلوك الكادر/القائد باختلاف موقعه أو مهمته التي تحدد له المهام والصلاحيات والواجبات التي سيتصرف بموجبها (أنظر القيادة الإدارية للدكتور سالم القحطاني، العدد23 مجلة البحوث الامنية السعودية،1423هـ).
إذن تؤكد هذه النظرية على التكامل والتفاعل بين المتغيرات الرئيسة التالية التي تحقق نجاح القائد:
*القائد، شخصيته ونشاطه في الجماعة.
*الأعضاء، اتجاهاتهم وحاجاتهم ومشكلاتهم.
* الجماعة نفسها، من حيث العلاقـة بين أفرادهـا وخصائصهـا وأهدافها وعملية التفاعل بين أفرادها.
من الواضح هنا أن "النظرية التفاعلية"، تؤكد على أهمية المرؤوسين (الأعضاء في الإطار التنظيمي)، كعامل مؤثر في نجاح القيادة أو فشلها.
وإذا كانت النظرية التفاعلية، تقيم فهمها لخصائص القيادة، على ربط نجاح القائد بقدرته على التفاعل مع المرؤوسين، وتحقيق أهدافهم، فإن ذلك لا يعنى من الناحية الواقعية توفر القدرة لدى القائد، على إحداث تكامل في سلوك الجماعة العاملة كلها، وإنما يعني قدرته على إحداث تكامل، لدى معظم أعضاء الجماعة العاملة.
ونعود للقول ثانية أن خلاصة مفهوم "النظرية التفاعلية" التي نراها ضرورية التمثل في الوضع التنظيمي-السياسي خاصة هي: أن القائد الناجح هو الذي يكون قادراً على التفاعل مع المجموعة (أعضاء التنظيم او المنظمة..)، وإحداث التكامل في سلوك أعضائها، أو سلوك معظمهم، آخذاً في اعتباره آمال أفرادها، وقيمهم وتطلعاتهم. (أنظر بكر أبوبكر، وجوه القيادة، المركز الفلسطيني للدراسات، رام الله،2005)
كان ياسر عرفات لا يعكس خلافاته السياسية أو التنظيمية على علاقته التفاعلية بالأعضاء داخل منظمة التحرير الفلسطينية وداخل حركة فتح ولاحقا السلطة، بمعنى أنه كان يعزل الخلاف السياسي بالرأي عن طبيعة علاقاته –اتصالاته الانسانية معهم، فلم يقطع تواصله مع مخالفيه وإنما أبقى دائما على العلاقة معهم في فهم لقيم وتطلعات الأفراد التي تمزج بين الموقف السياسي وبين احتياجاتهم الفردية، فإن اختلف مع أحدهم لم يكن هذا في عرفه أن يعاقبه أو يحد من طموحاته أو يقصيه أبدا
لذا نستنتج مما سبق وفي إطار التوافق والتكامل في نطاق النظرية القيادية التفاعلية إن متطلبات التفاعل المكتمل الدائرة (الايجابي وليس السلبي) داخل التنظيم السياسي تتمثل في تحقيق مبادئ اتصالية ثلاثة هي: الانسيابية والتبادلية وتوسيع المساحات، سواء للفعل أو الحوار في ظل أسس الهيكل ، وطبيعة الأهداف المقررة والخطط المقررة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها