خاص- مجلة القدس
خاطب الرئيسأبو مازن أمم العالم من موقعه القيادي الفلسطيني مُستخدماً هذه المرة الاسلوبالأكثر وضوحاً، والاقرب إلتصاقاً بالواقع الفلسطيني، وهو الأسلوب الذي يشخِّصالداءَ ويحدِّد الدواء بعيداً من العفوية والارتجال، فالحقائق والأرقام والوقائعهي التي تتحدث.
أ- طمأنالرئيس المجتمعَ الدولي بأنَّ المساعي الحالية للحصول على قرار أممي يعتبر دولةفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة كمقدمة للحصول مستقبلاً على عضوية كاملةلفلسطين هي خطوة من أجل تعزيز فرص السلام، وليست تحدياً لأحد.
ب- نحن لمنتوقف لحظة عن تنبيه العالم إلى خطورة الاستيطان العنصري، واعتداءات المستوطنينالمدعومين من الجيش والتي استهدف المواطنين والبيوت والأماكن المقدسة، والمدارسوالمزروعات، وهذا عمل مدروس يقوم على ثقافة التحريض في المناهج الدراسية وفتاوىالمتطرفين المتخمين بالكراهية، واصدارسلسلة من القوانين التمييزية العنصرية ضدالفلسطينيين.
ج- استهدافالطابع التاريخي للمدينة المقدسة، حفراً، وتدميراً، وتدنيساً، وممارسة التطهيرالعرقي بحق مواطني القدس، ومصادرة هوياتهم، وحرمانهم من الخدمات الأساسية خاصةالمدارس والمؤسسات، وإقفال مجالات العمل أمامهم، والتضييق عليهم من خلال الجدارالعنصري والحواجز المتناثرة.
د- الدعوةواضحة إلى المجتمع الدولي بضرورة إلزام الحكومة الإسرائيلية باحترام اتفاقيات جنيف"والتحقيق في ظروف اعتقال الأسرى الذين نشدد على ضرورة الافراج عنهم وهم جنودشعبهم في نضاله من أجل الحرية والاستقلال والسلام". فهناك ما يزيد على خمسةآلاف معتقل، ولا بد من الإفراج عنهم.
هـ- إن سلطاتالاحتلال تشدد الحصار، وتفرض القيود الصارمة على التنقل، وتمنع السلطة من تنفيذمشاريع البنية التحتية وتهدم ما تمَّ انجازه، وهي حريصة على التدمير والتهجيرلإضعاف السلطة الوطنية وتقويض وجودها.
و- أنَّالحكومة الإسرائيلية تستخدم الخطاب السياسي العدواني الذي يقود إلى مهاوي الصراعالديني وهذا ما يذكي النار في منطقة بالغة الحساسية ومليئة بعوامل التفجُّرالساخنة وهي بسلوكها تصدَّر الإرهاب.
ز- لقد قادتالحكومة الإسرائيلية من خلال ممارساتها العنصرية إلى تفريغ اتفاق أوسلو من مضمونه،وأوجدت وقائع على الأرض من خلال الاستيطان والعدوان تتعارض جذرياً مع ما تمَّالتوقيع عليه، وتؤدي إلى مزيد من الهيمنة العسكرية في الضفة باتجاه إقامة ما يسمى"الدولة ذات الحدود المؤقتة" المرفوضة جملةً وتفصيلاً.
ح- الحكومةالإسرائيلية المحتلة لأرضنا وهي آخر احتلال في العالم "ترفض إنهاء الاحتلال،وترفض أن يحصل الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله، وترفض قيام دولة فلسطين، وهيتعد الشعب الفلسطيني بنكبة جديدة".
هذا الظلمالتاريخي للشعب الفلسطيني، وهذا التنكر السافر لحقوقه المشروعة تباركه الولاياتالمتحدة ، ويتواطأ عليه مجلس الأمن الدولي بتركيبته الحالية، ووقفت عاجزةً أمامهالرباعية الدولية، وفقدت الانظمة العربية إرادة التحدي أو المساندة لشعبٍ مضى علىنكبته خمسة وستون عاماً وهو عضو في الجامعة العربية. من أجل ذلك كله واستناداً إلىكلِّ ما تقدم من وقائع تدميرية تفوح منها رائحة العنصرية، والكراهية، والعدوانيةصنعها الاحتلال وما زال ممعناً في مخططاته دون مساءَلة ودون محاسبة، من أجل ذلك نقولأن عملية السلام، والعملية السياسية المتعلقة بحل الصراع في المنطقة وصلت إلى طريقمسدود، وأفق مُغلق. وبينما الشعب الفلسطيني المتمسك بقرارات الشرعية الدوليةتُغتصبُ أرضُه، وتُصادرُ حرياتُه، وتُدَّمر بنيته التحتية، وتُنتهكُ أعراضه،وتُهوَّد مقدساتُه، ويُقتَّلُ أبناؤه، ويلتهمُ الاستيطانُ ترابه الوطني، مقابل ذلككله فإنّ الحكومة الإسرائيلية تُكافأ، ويُسمح لها بالإفلات من المساءلة والمحاسبة،والعقاب وهي تنتهك المواثيق والقانون الدولي، وتواصل سياسة الاستئصال والتطهيرالعرقي وتعزيز وجود نظام الابرتهايد، وتستفرد بالطرف الفلسطيني على طريقتهاالمعهودة.
أكَّد الرئيسأبو مازن رداً على كل ما سلف وبعد أن وضع النقاط على الحروف بأنَّ الشعب الفلسطينيهو شعبٌ مقاوم منذ بداية القرن العشرين، واذا كان المجتمع الدولي لا يريد محاسبةالاحتلال الإسرائيلي بسبب المصالح المتبادلة والمشتركة فإن الرئيس أبو مازن يُعلنالغضبَ والمقاومة الشعبية، والتمسُّك بالثوابت الوطنية، وقد جاء التعبير عن هذاالواقع الجديد في القسم الثاني من الخطاب تعبيراً عن الإرادة الوطنية:
1- نؤكد باسممنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بأن هذا التمثيللا يقبل القسمة على اثنين. وهذه رسالة واضحة لكل من يراهن على إبقاء الانقسام فيالساحة الفلسطينية، ولكل من يعمل على تجذيره.
2- أكَّدالرئيس موقفاً حاسماً تجاه العودة إلى المفاوضات طالما ترفض الحكومة الإسرائيليةالمرجعية الدولية الواضحة، لأنَّ مثل هذه العودة التي تطالب بها الولايات المتحدةوالاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي "تعني استنساخاً للفشل وغطاء لتعزيزالاحتلال، وإجهازاً على عملية السلام".
3- المطلوبثالثاً لإنقاذ عملية السلام ودون مناورة " أن الاحتلال الإسرائيلي يجب أنيُدان، وان يُعاقب، وأن يُقاطع من أجل أن ينتهي وان يرحل".
4- لا بد منأجل تعزيز عملية السلام " أن يتم تكريس واعتماد مرجعيات وأسس الحلللصراع". وهذا لا يحتاج إلى مفاوضات ماراثونية وإنما إلى نية صادقة لأنَّالمكوَّنات الجوهرية لحل الصراع موجودة في وثائق وقرارات الأمم المتحدة، وفيقرارات المنظمات الإقليمية.
5- المطلوبوبدون مجاملة من مجلس الأمن وبسرعة " إصدار قرار يتضمن ركائز وأسس حل الصراعالفلسطيني – الإسرائيلي ليكون مرجعية أخرى ومرشداً للجميع إذا أردنا حلالدولتين". وهذا يعني نقل القضية الفلسطينية من الرعاية الأميركية المنحازةوالفاشلة إلى طاولة هيئة الأمم المتحدة وهو المكان الطبيعي لمثل هذه القضاياالمعقدة، لكن من الواضح أنَّ الاحتلال يرفض مشاركة المؤسسات الدولية ويصر علىالاستفراد بالجانب الفلسطيني حيث الخلل الكبير في موازين القوى.
6- ليفهمالجميع " أنَّ قيام دولة فلسطين الحرة المستقلة هو قبل كل شيء وبعد كل شيء حقمقدَّس للشعب الفلسطيني". وهذا الحق ليس منةً من أحد، ولأنَّ هذا الحق مقدَّسفالشعب الفلسطيني قَّدم الشهداء والتضحيات، ولا يسمح لأحد أن يتلاعب بثوابتهالوطنية، وخاصة الاحتلال الإسرائيلي العائق الوحيد أمام قيام دولتنا.
7- إنَّ شعوبَالعالم ودوله ليست ضدنا، والذي أفشل محاولتنا لكسب الاعتراف بعضوية فلسطين الكاملةفي مجلس الأمن هي الولايات المتحدة، وهي التي تنصَّب نفسها دائماً في موقع العداءالكامل لشعبنا وحقوقه، بينما هي تناصر الاحتلال الإسرائيلي على الباطل بحكمالمصالح المشتركة. والدليل أنَّ فلسطين نالت العضوية الكاملة في منظمة اليونسكوحيث لا يوجد فيتو أميركي يُحبط مساعينا، " وبصراحة لا أجد سبباً واحداً لرفضذلك الطلب". وقد تسلَّح الرئيس أبو مازن برجلين مميَّزين هما محمود درويشوإدوارد سعيد المعروفين دولياَ مشيراً إلى عظمة الشعب الفلسطيني وأصالته وتجذرهالحضاري والثقافي والوطني.
وبالتالي ورغمالتحذيرات والتهديدات الأميركية والإسرائيلية " سنواصل مساعينا للحصول علىعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة".
8- علىإسرائيل المحتلة أن تعي جيداً بأنَّ مرور أربعة وستين عاماً على النكبة التي واجهشعبنا خلالها المجازر والاعتداءات والاجتياحات لن يتراجع عن تصحيح الظلم التاريخيوتحقيق أحلامهم " وهم يقولون بحزم وحسم :" لن نسمح بوقوع نكبةجديدة". والسؤال الذي يحمل احتقان أربعة وستين عاماً هو: ألم يحن الوقت لرفعالظلم أيها السادة؟ وعلى العالم ان يتذكر بأن 77% من أبناء شعبنا تقل أعمارهم عن(35) عاماً، وهذا الجيل الشاب يمتلك القدرات على التثوير والتغيير.
9- الرئيس أبومازن يدقُّ ناقوسَ الخطر ويحذَّر وينذر في نهاية الخطاب بمجموعة من العبارات هيإعلان تصعيد المقاومة الشعبية " أقول لكم أنَّ الشعب الفلسطيني الشجاع لنيسمح بأن يكون ضحية نكبة جديدة، لن نسمح، سنبقى في أرضنا".
"إن شعبيسيواصل ملحمة صموده وبقائه الابدي على أرضة الطيبة".
"لا وطنلنا إلاَّ فلسطين، ولا أرضَ لنا إلاَّ فلسطين، ولا نقبل بغيرها بديلاً".
"إنَّشعبنا سيواصل بناء مؤسسات دولته"، الحرة المستقلة وليست الدولة ذات الحدودالمؤقتة.
ورغماً عنالكيان الإسرائيلي وعن كلَّ من يخطط من أجل تقسيم الوطن وضرب الشرعية الفلسطينيةفإنًّ " شعبنا سيواصل الجهد لتحقيق المصالحة الوطنية لاستعادة وحدة الوطنوالشعب والمؤسسات عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع".
ويختم الرئيسأبو مازن خطابه مؤكداً وبكل وضوح: "أنَّ شعبنا مصمم على مواصلة المقاومةالشعبية السلمية".
من الضروري أننستوعب ما يريده الرئيس أبو مازن من أبناء شعبه، ومن أبناء حركة فتح خصوصاً، فبعدأن أوضَح جسامة المخاطر التي تهدد مشروعنا الوطني، وأنَّ السلطة قاب قوسين منالانهيار، ولم يبق أمام القيادات الفلسطينية وخاصة الحركية سوى الانخراط في مقاومةشعبية تعرف ماذا تريد وهدفها إنهاء الانقسام، وإزالة الاحتلال، وإقامة الدولةالفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والعمل الجاد على عودة اللاجئين. إنَّ كلَّدقيقة تمرُّ دون مقاومة شعبية إنما تخدم العدو الإسرائيلي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها