غضب شعبي كبير يجتاح العواصم العربية احتجاجا على انتاج فيلم سينمائي أخرجه إسرائيلي ويتضمن الإساءة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

في ليبيا مات السفير الاميركي بهجوم على مقر القنصلية الأميركية في بنغازي، وفي القاهرة احتشدت جموع ضخمة من المحتجين أمام السفارة الاميركية، وتمكن بعض المحتجين من القفز عن سور السفارة وانزال العلم الأميركي، وفي بيروت هاجم المحتجون مبنى السفارة الأميركية، ويقال إنهم تمكنوا من الحاق أضرار مادية كبيرة بالمبنى. وحتى نشر هذه المقالة ربما تكون دائرة الاحتجاج اتسعت لتشمل عواصم عربية أخرى فيها سفارات اميركية وهولندية ودنماركية.

هذا غضب مفهوم ومشروع، لأن من لا يغار على دينه وعلى نبيه لا يغار على أرضه وعرضه، لكنه، أي الغضب، يفتح باب السؤال عن مواقيته ودوافعه ويثير التساؤل المشروع حول أسباب اختفاء هذا الغضب الشعبي العارم عندما يتعرض المسلمون في فلسطين للذبح بأيدي الاحتلال الاسرائيلي، وعندما تستخدم الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن لمنع إدانة الجرائم الاسرائيلية ضد شعب تتعلق أرواح مسلميه ومسيحييه أيضا برسالة النبي العربي الكريم. ولماذا لا تخرج جموع المحتجين الغاضبين الى شوارع العواصم وسفارات اميركا في المنطقة عندما يدنس الصهاينة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم؟.

الا تستحق فلسطين بعض هذا الغضب أم أن شريطا سينمائيا يستطيع تحريك عواطف الجماهير أكثر من تراب مقدس يحرقه الاسرائيليون من عشرات السنين؟.

الحاضر محير ويستعصي على التفسير والقادم مجهول ولا يمكن قراءة ملامحه، فالذين رفعوا أعلام أميركا وساروا خلف دبابات الناتو الى باب العزيزية يقصفون الآن قنصلية اميركا في بلادهم ويقتلون سفيرها، والذين احتشدوا امام سفارة اميركا في القاهرة مطالبين بمنع عرض الفيلم المسيء الى الرسول لا يطالبون بالغاء اتفاقيات كامب ديفيد، والذين هاجموا سفارة اميركا في بيروت هم في الأصل من معسكر لا يعترض على اعدامات اهل السنة في ايران.

هل تحركنا الافلام أكثر مما تحركنا قضايا التحرر؟ وهل ينبغي أن تتحول فلسطين الى فيلم سينمائي لينتصر لها العرب؟

من الواضح ان فلسطين ليست فيلما في الشارع العربي لكن قضيتها في المحافل الرسمية العربية فيلم طويل يخرجه أيضا مخرج اسرائيلي.