الاستيطانوالجدران تحاصر وتعزل مدينتكم، الضرائب لها مسميات لم يعرفها التاريخ البشري، حتىفي عصور الإقطاع ولجان التفتيش الكنسية، وقوانين وقرارات تشرع وتسن أسوأ من اكثرالتشريعات تشددا وقمعا بهدف طردكم وترحيلكم عن مدينتكم، ومناهجكم يجري تشويهها،وتاريخكم وجغرافيتكم يجري العبث بهما، وتراثكم يسرق علناً وجهراً، وثقافتكموهويتكم وذاكرتكم الجمعية مستهدفة بالشطب، وأرضكم تصادر وبيوتكم وممتلكاتكم يجريالاستيلاء عليها بالطرق القانونية وغير القانونية تارة تحت ما يسمى المنفعةوالمصلحة العامة - ( أي لمصلحة ومنفعة المستوطنين) -،وتارة أخرى تحت ما يسمىبأملاك الغائبين، أو من خلال التزوير والتزييف من قبل المستوطنين وجمعياتهمالاستيطانية وما يسمى بسلطة تطوير ارض إسرائيل، أو البيع من قبل بعض المشبوهينوالجواسيس، والاستيطان "يتغول" بشكل "تسونامي" وهناك من يؤيداستمرار مفاوضات عبثية وعقيمة تزيد الوضع الداخلي الفلسطيني شرذمة وانقساما، وتلحقالضرر بالقضية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فقد ثبت بشكل قاطع وملموس بأننتيجتها لم تكن سوى صفر أو ما دون ذلك، وبالمقابل هناك من يضع شروطاً على المصالحةولا يريدها،بل يريد استمرار إدارة الأزمة والحفاظ على مصالحه وامتيازاته الفئوية.

وحصولكمعلى رخصة بناء في القدس عدا التكاليف التي تفوق بناء عمارة كاملة من عشرة ادوار اوأكثر في مدينة أخرى، فحصولكم على الرخصة قد يكون بعد وصولكم الى القبر، حيث تفرضعليها رسوم لا تعرف لها أول من آخر تصيبكم وتشعركم بدوران وغثيان، ومع كل عام جديدتأتيكم "أفراح" جديدة ارتفاع وزيادة في قيم الضرائب المرتفعةأصلا،المسقفات "الأرنونا" الدخل،التأمين الوطني،والتأمين الصحي، الراديووالتلفزيون، إستخدام الطرقات والشوارع،وأضف لها فواتير الهاتف والشبكة العنكبوتيةوالكهرباء والمياه وأقساط المدارس والجامعات. دخلكم بالكامل لا يكفي لسدادها، وكلشيء من حولكم ومن فوقكم ومن أسفلكم يريدون عبرنته وتهويده، ونسيجكم الاجتماعيوالمجتمعي يعملون على هتكه وتخريبه وتفكيكه وتدميره، وهناك من ينشر المخدرات ويصعدحدة الخلافات الاجتماعية والمجتمعية ويغذيها، حيث الخلافات والمشاكل و"الطوش"على أتفه الأسباب والتي سرعان ما تتحول الى تجييش عشائري وقبلي وجهوي وطائفي يأكلالأخضر واليابس ولا يقيم وازعا لدين او أخلاق او انتماء وطني وحضاري،في تفريغداخلي لحالة من القمع والكبت من الاحتلال،وتخلف وجهل يشعركم بانتماءات إلى داحسوالغبراء وحروب البسوس، وقمع وإذلال وامتهان للكرامة وتجريد للإنسان من إنسانيتهعبر حواجز ومعابر تشعرك بأن حقوق الكلاب في بعض الدول أفضل من حقوقكم، ومؤسساتيجري إغلاقها وتهجيرها تحت حجج وذرائع ما يسمى بمخترع"الإرهاب" في عصر"التغول" المعولم والمرسمل،الذي حظرت فيه المقاومة المشروعة وأساليبالكفاح والنضال التي كفلتها القوانين الدولية للشعوب المقهورة والمظلومة من اجلنيل حريتها واستقلالها واصبحت شكلاً من أشكال "الإرهاب" واحتلال أرضالغير والاستيلاء عليها أصبح حقاً"مشروعاً" ويمنع مقاومته في سطو غيرمسبوق على الشرعية الدولية، وبيوت العبادة من مساجد وكنائس يمنع المؤمنون من اداءشعائرهم فيها، ومن يسمح له بذلك تفرض عليه قيود مشددة، والمساجد والكنائس عدا عنانها تتعرض للانتهاكات وللحرق وكتابة الشعارات العنصرية على جدرانهاوأبوابها،فالأمور وصلت حد منع إقامة الآذان فيها،والأقصى في القلب منها يحاصر بالكنسوالحفريات من حوله ومن أسفله،وتجري عمليات اقتحام شبه يومية من قبل الجماعاتالاستيطانية وحتى الأحزاب السياسية الإسرائيلية له وتقام في ساحاته وتمارس أعمالمخلة بالآداب وشعائر تلمودية ،والمخططات واضحة تقسيمه أو هدمه لبناء الهيكلالمزعوم مكانه.

ونقصحاد في المدارس وتسريب عالي والهدف واضح إخراج ودفع السكان إلى خارج ما يسمى بحدودبلدية القدس،وبنى تحتية مدمرة ومهللة لا شوارع ولا حدائق عامة ولا ملاعب ولامؤسسات شبابية ولا حتى شبكات مجاري للصرف الصحي، وخدمات تشعركم بانكم في مدينةتنتمي الى القرن التاسع عشر بعد الساعة السابعة مساء تصبح مدينة اشباح، وشبيحةوزعران جباية ضريبة "الارنونا" المسقفات والتامين الوطني وضرائبالتلفزيون والدخل وغيرها،لا يكتفون بالغارات والمداهمات النهارية والليلية لبيوتكموترويع اطفالكم وتفتيش وعبث في ادق خصوصيات بيوتكم،بل يقومون بنصب الحواجز علىالطرقات والقيام بعمليات تقشيط وبلطجة،ادفعوا والا تصادر سيارتكم وممتلكاتكم.

وبالمقابليقسو عليكم أبناء جلدتكم وأبناء وطنكم ليزيدوا مرارتكم مرارة وليضاعفوا من همومكموقهركم،فتارة هناك من يشكك في وطنيتكم وانتماءكم، وتارة اخرى يحسدونكم على هويةتحملونها قسرا وتدفعون ثمن حملها دماً وقهرا، وليس هذا فحسب،بل ويزايدون عليكموبأنكم متهمون ومشوهو الانتماء والوعي وغيرها، وشعارات دعمكم وصمودكم ليست أكثر منخطب وشعارات وبيانات و"هوبرات" إعلامية ولقاءات متلفزة،وصور وتصريحاتتتصدر صفحات الصحف الأولى، واصبحتم بلا أب او عنوان، فالكل يدعي المسؤولية عنكموعن همومكم، وفي اطار الفعل والعمل والتنفيذ والترجمة على الأرض يرفع يده ويخليمسؤوليته.

لانريد اجترار العبارات حول قصورات السلطة تجاه القدس والمقدسين، ولا حول قصور العربوالمسلمين، فالندب والبكاء لم يعد يجدي ولم يعد ينفع، فلا اللجنة التنفيذية حاضرموضوع القدس في ذهنها ولا على سلم أولوياتها، ولا السلطة قادرة على توحيد عناوينهاولا مرجعياتها، ودعمها لا يسمن أو يغني من جوع، وقهر المقدسيين يزداد ويرتفع وسيصلحد الانفجار.

أيهاالمقدسيون علينا أن لا نختلف على جنس الملائكة ذكر أم أنثى في جدل بيزنطي عقيم،علينا كما يقول المأثور الشعبي"أن نخلع شوكنا بأيدينا"، فنحن أهل القدسأدرى وأعلم بأوضاعنا، فواجبنا أن نقف ونفكر بأوضاعنا وشؤوننا، فنحن رغم كل مانتعرض له من حرب شاملة يشنها الاحتلال في كل شؤون ومناحي حياتنا، وفي أدق تفاصيلهااليومية، فإن قدرنا أن نبقى ونصمد ونواجه وندافع عن أرضنا ووجودنا، ندافع عن شرفأمة بأكملها، ندافع عن تاريخنا، عن حضارتنا، عن هويتنا، عن ثقافتنا،عن تراثناوجغرافيتنا، عن ذاكرتنا ووعينا، عن مقدساتنا، وهذا لن يتأتى الا من خلال أن نأخذزمام أمورنا بأيدينا،أن نؤطر وننظم أنفسنا في لجان ومؤسسات قطاعية وجماهيريةتخصصية،ومن خلال لجنة عليا علنية وطنية ومؤسساتية وشعبية تقود كل مناحي عملنا فيالمدينة، فنحن لسنا بحاجة الى عناوين ومرجعيات شكلية واسمية، ولسنا بحاجة الىالمزيد من الضياع والتوهان، وبعد أن ننظم ونرتب أوضاعنا من يريد أن يدعمناويساندنا ويتحمل المسؤولية معنا، في إطار خدمة المصالح العليا لشعبنا الفلسطينيوحماية المدينة من خطر الأسرلة والتهويد، فنحن سنشد على يديه ونبارك له جهودهومواقفه ونؤدي له الطاعة ونثقل صدره وأكتافه بالرتب والنياشين، وعلينا أن لا ننتظرالدعم من أحد أو أية قرارات جديدة حول قدسنا، فقضيتنا واضحة وليست بحاجة لاجترارالخطب والاستثمار السياسي لها لأهداف وأجندات مشبوهة.