ليست نتائج مؤتمر حزب الليكود الإسرائيلي الصهيوني، في ذروة أعماله نهاية شهر كانون الثاني الماضي، مجرد أرقام لا تمت للواقع بصلة، بل هي مؤشرات مادية تدلل على شكل ومضمون التوجه الاستعماري التوسعي الذي سيحكم الدولة الصهيونية للأعوام المقبلة، فالمؤشرات وفق استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي تُشير إلى انحياز أغلبيته نحو التوجهات السياسية المتطرفة، وفي قلبه وفي قيادته حزب الليكود برئاسة المتطرف نتنياهو وبرنامجه التوسعي الإسرائيلي، الذي عبر عنه مبعوثه للمفاوضات الاستكشافية في عمان إسحق مولخو وأسئلته 21 الاستفزازية حول يهودية الدولة والقدس الموحدة وبقاء الغور في الحوزة الإسرائيلية.

فالقراءة لنتائج 'الليكود' تُشير إلى ما يلي: أولاً: أن نتنياهو خرج قوياً من مؤتمر حزبه بحصوله على 77 بالمائة من أصوات الحزبيين المقترعين على رئاسة الحزب.

ثانياً: حصل منافسه الوحيد المستوطن موشيه فايغلين على 23 بالمائة من أصوات المقترعين، وهي نسبة عالية ستؤثر على مسار وخيارات الحزب نحو 1- الداخل الإسرائيلي وخصوصاً نحو الوسط العربي الفلسطيني الذي يُشكل خمس السكان في إسرائيل وذلك عبر سياسات وتشريعات عنصرية تمس بمكانتهم واستقرارهم و2 - نحو العلاقة مع الشعب العربي الفلسطيني في مناطق الاحتلال الثانية العام 1967. فوفق 'هآرتس' يسعى فايغلين الذي يمثل المستوطنين ويقيم بإحدى المستوطنات إلى 'جر (الليكود) نحو تجسيد أيديولوجية اليمين المتطرف، عبر توسيع المستوطنات، وتكريس البؤر الاستيطانية، وإحباط التسوية السياسية مع الفلسطينيين لتحول دون تقسيم البلاد إلى دولتين'.

ثالثاً : لقد ظهرت بوادر هذا التوجه الاستعماري المتطرف في تعامل نتنياهو مع البؤر الاستيطانية وإضفاء الشرعية الإسرائيلية عليها يشاركه فيها توجهات وزراء 'الليكود'، وما دعا له جدعون ساعر وزير التعليم لجهة حث التلاميذ على زيارة المستوطنات وزيادة الاستيطان في 'أرض إسرائيل' قاصداً بذلك أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة.'هآرتس' تخلص إلى نتيجة فحواها أن 'نتنياهو فاز للمرة الرابعة برئاسة 'الليكود'، ولكن المستوطن فايغلين يظهر باعتباره الحاكم الحقيقي لهذا الحزب الحاكم، هذه النتيجة تحمل نذور الشر لمستقبل دولة إسرائيل'.

أسرة تحرير 'هآرتس' في مقالها الافتتاحي هذا يوم 3/2/2012 ترى الشر في سياسة 'الليكود' ومن يتحكم فيه، وانعكاس ذلك على مستقبل دولة إسرائيل، فماذا بشأن مستقبل فلسطين وشعبها وقضيتها، وحقوقهم الثلاثة المساواة في إسرائيل، الحرية لفلسطين، العودة للاجئين؟؟.

هل هناك خطر على مستقبل الشعب العربي الفلسطيني أكثر من هذا ؟؟ أم أن الرد أنه لن يكون هناك خطر وسوء أكثر مما حصل عامي النكبة 1948 والنكسة 1967، وتشريد نصف الشعب خارج وطنه وتبديد هويته الوطنية وتمزيق جغرافية بلاده واحتلال كامل أرض فلسطين؟؟.

لقد وسع 'الليكود' وحلفاؤه معركتهم ضد الشعب العربي الفلسطيني، مستغلين تفوق إسرائيل والصهيونية والجاليات اليهودية في العالم، ودعم وإسناد الولايات المتحدة لهم، ومن هنا يجب أن تبدأ معركة استرداد حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة من القدرات الذاتية، مدعومة بأشقاء الشعب الفلسطيني من العرب والمسلمين والمسيحيين وقوى العدل والسلام في العالم.

'الليكود' يقود معركة توسيع إسرائيل، وفرض الأمر الواقع، عبر تهويد القدس والغور وتكثيف الاستيطان فيهما، وتوسيع الاستيطان في قلب الضفة، واستكمال بناء الجدار العازل بجعل التجمعات العربية الفلسطينية، تجمعات معزولة عن بعضها لا رابط جغرافياً بينها، وخالية من مقومات الحركة والنمو، والحياة تفتقد للمياه والأرض الزراعية، وحصيلة ذلك بجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها وشعبها، فماذا سيكون الرد الفلسطيني على جبهات المواجهة، سواء داخل مناطق الاحتلال الأولى العام 1948، أو داخل مناطق الاحتلال الثانية العام 1967، أو خارج فلسطين في مناطق اللجوء والشتات؟؟ الحصيلة تحتاج لبرنامج وطني فلسطيني يتناسب مع التحديات، مع برنامج 'الليكود' الحاكم، مع تهويد القدس والغور، مع توسيع الاستيطان، مع الرفض الإسرائيلي المعلن لحقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة: حقه في المساواة داخل إسرائيل، حقه في الاستقلال لدولة فلسطين وحقه في العودة للاجئين