لم تعد القمم العربية حدثا بارزا يستقطب أنظار العالم، خاصة الشعوب العربية وتحديدا الفلسطينيين الذين فقدوا الأمل من جدوى هذه القمم المتشابهة في الشكل والمضمون والقرارات الصادرة عنها في كل عام مهما بلغ حجم المخاطر التي تتعرض لها الأمة بشكل عام والمقدسات وما يستهدفها على وجه الخصوص، فمهما كانت الأسباب التي دعت لعقد القمة تكون القرارات التي تصدر عنها دون مستوى التوقعات والتوصيات لا ترتقي لمستوى الهم العربي الكبير وسط حالة الضعف العام والانقسام في الآراء والتوجهات، ولم تعد هذه القمم تعلق عليها الآمال العريضة التي كانت قبل أن يعصف بها ما يسمى الربيع العربي في البلدان التي ضربها هذا الربيع والذي خلق حالات جديدة في تباعد المواقف العربية، وأفضى الى أوضاع عربية أسوأ مما كانت عليه قبل هذا الربيع أو ما يسمى.

قمة الكويت هذا العام لن تختلف بقراراتها عن القمم السابقة، بل ستكون مطابقة لها، رغم كل الاختلاف الحاصل في المنطقة، ورغم كل ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مخاطر، والفشل الذي يواجه مشروع السلام وتعثر المفاوضات، ورغم المخاطر الحقيقية التي تتهدد مدينة القدس، ورغم ما يهدد مستقبل المنطقة بشكل عام، ووسط كل هذا الاختلاف الحاصل فكل المؤشرات تشير الى أن الموقف العربي لا يختلف، بل يبقى على حاله القديم الجديد وكأنه في حالة جمود لا يتأثر بما يجري، ولا يحرك ساكناً، بل يحافظ على مواقفه الدائمة في الرجاء والتوسل والاستجداء على عتبات البيت الأبيض.

قمة الكويت العادية اختبار آخر للعرب ليغيروا صورتهم وقواعدهم السياسية الخجولة التي أفقدتهم قوتهم وقدرتهم على التأثير، وأن يعيدوا للأمة أمجادها ويثبتوا أنهم حريصون على إيجاد صوت عربي قوي ومؤثر، وأن يعيدوا للشعوب العربية الثقة بهذه القمم التي فقدت حتى الأمل بما قد تصنعه وما قد تحققه لمستقبل شعوب ضاعت في متاهات قمم لا تغني ولا تحقق أياً من الطموحات والتطلعات العربية في واقع عالمي لا يرحم، وعالم لا مكان فيه إلا للأقوياء ومن يستحقون بجدارة أن يكونوا.

قمة الكويت تتشابه مع القمم السابقة في الشكل والنتائج والتوصيات، وتختلف في خطورة ما يتهدد مستقبل المنطقة برمتها، وخصوصاً ما يتهدد القضية الفلسطينية بفعل ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلي الذي أسقط خيار السلام، ورفض قبول المبادرة العربية منذ الاعلان عنها، وفي كل عام، وقبيل افتتاح كل قمة يعيد تكرار رفضه لهذه المبادرة بالفعل الممارس على الأرض وبالتصريحات العلنية لقادة الكيان الاسرائيلي، فهل سيقوم القادة العرب بسحب هذه المباردة ؟