بمقعد سوريا الذي ما زال شاغرا، وغياب قادة الدول الخليجية الثلاث التي سحبت سفراءها من الدوحة, وتغيب عدد كبير من قادة الدول العربية, بدأت القمة العربية الخامسة والعشرين اجتماعاتها في الكويت في قاعة فخمة وانيقة للغاية, لتواجه وضعا غير مسبوق من الخلافات العربية العربية, واحداثا مأساوية كبرى تحت عنوان الربيع العربي تدخل عامها الرابع دون افق واضح, وتغيرات حادة على صعيد محاولات اعادة التوازن للنظام الدولي, وسط مؤشرات واضحة بأن المصالحة العربية لن تكون ممكنة الآن, ويكفي للدلالة على ذلك الكلمة التي القاها امير دولة قطر الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني, والتي امتلأت بالاستفزاز الواضح, ربما لانه استلم الرسالة القوية بان غياب قادة الدول الخليجية الثلاث لن يعطيه فرصة لتسوية الخلافات مع قطر بالطريقة التقليدية «تقبيل اللحى» وانه سيتعرض الى استمرار الاقصاء والمقاطعة من البيت الخليجي لفترة طويلة, وان مصالحته مع مصر لن تتم قريبا في غرفة مغلقة. وبالتالي فقد تظاهر الامير القطري الجديد الذي يحضر القمة لاول مرة بالقوة وهو يلقي الكلمة المكتوبة بتوتر واضح للعيان.

حين يكون الخلاف العربي موجودا بهذا القدر من الحضور الطاغي, فان القرارات بالعادة تهبط الى مستوى الحد الادنى, وعلى الصعيد السياسي فقد وجد العرب بندا لامعا يتفقون عليه وهو رفض الاعتراف بيهودية الدولة, وهي البدعة التي اخترعها نتنياهو لكي يختبئ وراءها في افشال المفاوضات, كما اتفقوا على الاشادة بالجهود الاميركية المبذولة وطالبوا باستمرارها بما يمد في عمر عملية السلام المتعثرة بشدة.

اعتقد ان الحكمة الكويتية المعهودة تتركز مهمتها الملحة في هذه القمة في عدم طرح القضايا الخلافية وسط هذا الاستقطاب الحاد الذي يجري في العالم العربي, خاصة وان قضايانا الرئيسية على امتداد السنوات الثلاث الاخيرة خرجت من ايدينا واستقرت في يد المستوى الاقليمي والدولي, وابرزها القضية السورية التي لم يشكل النظام الاقليمي العربي حضورا كافيا فيها, وبالتالي يحتاج الامر الى تراكم تدريجي حتى يعود النظام الاقليمي العربي صاحب دور حاكم في قضاياه ومشاكله الداخلية.

ولذلك تعول كثير من الدول العربية على قدرة مصر على انجاز خارطة المستقبل بنجاح لان مصر بموقعها وحجمها ومقدراتها, قادرة حين تكون في وضع مستقر ان تحمل على كاهلها اعباء الامن القومي العربي, واسترداد وزن وثقل الدور العربي في متابعة القضايا العربية على مستوى الاقليم والعالم في آن واحد.

القمة العربية في الكويت تنعقد تحت عنوان التضامن لتحقيق اهداف الامة وعلى رأسها حماية الوجود والهوية العربية في مواجهة التحديات الاصعب, ولكن هذا العنوان رغم بديهيته يحتاج اولا وقبل كل شيء الى السيطرة على هذه الخلافات العربية التي استفحلت والتي اهدرت المزيد من الامكانيات العربية في حرائقها الكبيرة.