ذكرت في مقالات سابقة أن نتنياهو والائتلاف الحاكم في إسرائيل، منذ مجيء ترامب وتوليه الحكم يتسابقون في أحاديثهم ومؤتمراتهم الصحفية إلى الاقتباس من تصريحات ترامب، في شن العدوان على قطاع غزة ومنها قضية التهجير، أو صب الجحيم على غزة، وكانوا يرددون مثل تلك العبارات التي تحدث بها الرئيس الأميركي في ملابسات الحديث حول موضوع المحتجزين الإسرائيليين في غزة أو الحرب على الإرهاب، فكانوا يتوارون في تنفيذ عدوانهم وجحيمهم الذي يصبونه على غزة، وراء الرئيس ترامب، وكأنهم بحاجة إلى من يشد عضدهم ويقوي شوكتهم في عدوانهم، أو هو الهروب من المسائلة والحساب من المجتمع والمؤسسات الدولية التي باتت تلاحق تلك الجرائم. جرائم حرب يندى لها جبين العالم، كانت ضحيتها الأطفال، والنساء، والشيوخ، والأمنين. لقد تم استدعاء نتنياهو على عجل للقاء الرئيس ترامب والذي كان يفضل نتنياهو أن يتم بعد عيد الفصح لكن أصرت الإدارة الأميركية أن يتم اللقاء وفق توقيتها وأجندتها، الذي يبدو أنهم قد ضاقوا ذرعًا بسياسة إسرائيل في المنطقة، لقد تم استدعاء نتنياهو تحت حجة مناقشة الجمارك المفروضة على إسرائيل والقضايا الأخرى التي تشعلها إسرائيل في المنطقة. يبدو أنه بات واضحًا لدى الإدارة الأميركية أن سياسات إسرائيل الحالية في منطقة الشرق الأوسط هي سياسات تؤدي إلى التصعيد العسكري، وإثارة الاضطرابات في المنطقة، إضافة إلى توريط الولايات المتحدة وجرها إلى معسكر الحرب، الذي لا يعكس بدوره على ما يبدو من أولويات الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب ألا تضع على رأس أولوياتها الازدهار الاقتصادي الداخلي وانعكاساته على المواطن الأميركي، والعلاقات التجارية مع الصين وإنهاء التوترات الدولية.

من المؤتمر الصحفي الذي جرى في البيت الأبيض بعد لقاء ترامب نتنياهو، نستطيع أن نفهم أن الرئيس الأميركي لم يمنح نتنياهو أي جرعة من الدعم المعنوي والنفسي الذي يرغب به، ليبدو كعادته مزهوًا كالطاووس المغرور يفرد جناحيه في لقاءاته مع الرئيس ترامب. لقد أراد الرئيس ترامب أن يضع النقاط على الحروف، إذا أعلم نتنياهو بأن هناك محادثات مباشرة بين أميركا وإيران بخصوص البرنامج النووي الإيراني سوف تبدء في سلطنة عمان قريبًا، وبخصوص العلاقات مع تركيا أكد الرئيس ترامب أن عليه أن يعيد حساباته في التصعيد معها من خلال العمل السياسي الديبلوماسي، وبخصوص غزة يبدو أن الإدارة الأميركية سحبت من نتنياهو التصريح باستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث ترى الإدارة الأميركية اليوم  أن الحل في غزة ليس عسكريًا، ولذا كما يبدو أننا سنشهد اتفاقًا جديدًا لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين قريبًا.

لقد كانت طموحات وأهداف نتنياهو والائتلاف الحاكم في إسرائيل، هي إشعال المنطقة والدخول في مستنقع الحروب، وتوريط الولايات المتحدة الأميركية في حرب مدمرة في الشرق الأوسط، لتحقيق مكاسب جديدة استعمارية لإسرائيل، والهروب من تهم الفساد والملاحقات القضائية والقانونية والاخفاق في المهام، رغبةً من نتنياهو ليتوج ملك إسرائيل. وتدرك الولايات المتحدة أن هذه السياسة التي تنتهجها إسرائيل هي من أجل أن تحقق مكاسب شخصية للائتلاف الحاكم في إسرائيل. وأثرت على ما يبدو عدم الانجرار وراء تلك التوجهات وخفض التوترات في الإقليم، في التصعيد والحسم العسكري التي أشعله نتنياهو على  جبهات عدة. في اعتقادي أن غزة ستشهد انفراجًا، وسيزول هذا الكابوس قريبًا.