ما زالت كلماته تتردد في الذاكرة، تلك الصرخة التي أطلقها الزعيم الخالد ياسر عرفات من داخل مقره المحاصر، عندما وقف أمام الصحافيين والغضب يشتعل في صوته: "شعبي بِندبح، وبتسألونني عن صحتي؟! اذهبوا وأخبروا العالم بما يجري مع شعبي".
كان العالم يُشاهد آنذاك، رأى الدبابات تحاصر مقر القيادة، رأى الجدران التي ثقبتها القذائف، ورأى رجلاً واحداً شجاعاً مع رفاقه، صامداً رغم الجوع، رغم العزلة ورغم الخذلان يصرخُ بالشهادة، يريدونني أسيراً أو طريداً أو قتيلاً.. وأنا أقول.. بل شهيداً.. شهيداً.. شهيداً.
كان المشهد واضحاً، قائد يقاتل حتى آخر نفس، وشعب يتشبث بحقوقه ويقاوم وسط حصار لا يرحم.
اليوم، المشهد يتكرر لكنه صار أكثر وحشية، من جنين إلى رفح، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى حيث تغرب الشمس التي في دورها ستعود إلى الشروق حتماً. تُسحق المدن والمخيمات، يُقتلع البشر، يُمحى التاريخ، وتُستهدف الهوية قبل الجسد في محاولات استهداف الوجود. تجويع وتهجير وإبادة تُنفذ على مرأى ومسمع العالم، بغطاء دولي غربي وصمت إقليمي، بل وبعجزٍ يشبه التواطؤ.
لكن أخطر ما في الأمر ليس القتل وحده، بل ذلك السكون القاتل الذي يحيط بنا.
أيها الصامتون، هل هو الخوف؟ أم العجز؟ أم انتظار "لحظة مناسبة" لن تأتي أبداً بهذا الحال لتُغير من الحال حالاً؟ إن كان أحدكم يَعلم سِر هذا الانتظار، فليُخبرنا علّنا نَفه، قبل أن ينتهي الوقت.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها