من بين أكثر الأوهام سذاجة، وعبثًا، التي ما زالت حركة حماس تعاقرها أن "الفيديوهات" التي تبثها عن الإسرائيليين المحتجزين لديها، والتي يظهرون  خلالها بكلام ناقمين على حكومتهم، يمكن لها أن تشكل أداة ضغط على هذه الحكومة، لوقف "الحرب" وعقد صفقة إطلاق سراحهم، حتى بالشروط الحمساوية، خاصةً وأن "حماس" في كلام هؤلاء المحتجزين، ليست موضع نقد، وهجوم، بل موضع تقدير لحسن معاملتها إياهم، وهذا أمر يدعو للغرابة على أقل تقدير، طالما أنها لا تحسن معاملة المكلومين من أبناء جلدتها، ضحايا الحرب والعدوان، وهذه حكاية أخرى لسنا بصددها الآن.

وفي هذا الوهم، تظهر حركة "حماس" كأنها لا تعرف شيئًا عن طبيعة الاحتلال الإسرائيلي العدوانية، وعن غاياته من وراء هذه "الحرب"، غاياته التدميرية للقضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، ولكل حقوقها المشروعة، وأهدافها العادلة وتطلعاتها المشروعة.

لم ترَ "حماس" أن صواريخها واستعراضاتها العسكرية، وخطبها النارية، ما شكلت يومًا، ولم تشكل حتى اللحظة، أي  قدر، ولا أي مستوى من مستويات الضغط على الاحتلال، لردع عدوانه ووقفه عند حد التراجع والفشل.

إنه لأمر محزن في الواقع، أن تستنجد "حماس" بمثل هذه الفيديوهات التي تصنعها بعناية ملحوظة، لعلها تشكل ذلك الضغط المثمر ضد حكومة الحرب الإسرائيلية.

تلجأ "حماس" إلى كل السبل في هذا الإطار، إلا سبيلاً واحدًا، سبيل الوطنية الفلسطينية، سبيل الوحدة والتكاتف، سبيل المعرفة والحكمة، سبيل التراحم والتعاضد، سبيل الواقعية النضالية التي بوسعها لا تحقيق الضغط فحسب، بل وردع العدوان أيضًا، حين هي واقعية المواجهة بالمقاومة الشعبية السلمية، والحراك السياسي والدبلوماسي في كل مكان، لمحاصرة حكومة الحرب وشخوصها وروايتها القائمة على الخداع والتزوير.

لن تنجو "حماس" بمعاقرة الأوهام، ولن تجد مخرجًا آمنًا لها، إذا ما واصلت تصرفاتها غير المسؤولة، وسلوكها العبثي، لا الصواريخ ولا الفيديوهات يمكن أن تشكل لها مخرجًا نحو ما تريد من عودة "لعصرها الذهبي" الذي كان في هيمنتها القمعية على قطاع غزة العودة إلى هذا العصر ليست سوى ميثولوجيا حزبية كسيرة، وهذه لا تنتج في المحصلة غير الندم، والبكاء، والرثاء، ومرة أخرى، هل تدرك حماس ذلك قبل فوات الأوان؟.