قبل أقل من شهر  تقريبًا، كان القيادي الحمساوي، أسامة حمدان، يعلن من على منصة منتدى فضائية "الجزيرة" أن سلاح المقاومة خارج النقاش، في أي مفاوضات تتعلق بوقف "الحرب" في قطاع غزة،  وخارج النقاش تعني بطبيعة الحال، أن هذا السلاح،  غير خاضع للمساومة، وأنه بالنسبة لحماس، سلاح مقدس، ولا يمكن التخلي عنه.

يوم الأحد الماضي كشف "آدم بوهلر" مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الرهائن، أن حركة حماس قدمت خلال محادثات مباشرة مع واشنطن، مقترحًا لاتفاق شامل، أبرز ما جاء فيه استعدادها نزع سلاحها، وضمان عدم وجود أنفاق، أو أنشطة عسكرية، وعدم مشاركة الحركة في السياسة مستقبلاً.

كلمة "قدمت" هنا التي قالها "بوهلر" في هذا التصريح، ولا نظنه أخطأ التعبير، تعني أن حركة "حماس" هي التي بادرت برمي هذا السلاح، الذي تقول عنه إنه سلاح المقاومة، وتخليها عنه، بلا أي نقاش يُذكر في هذه المفاوضات، لم يكذب أحد من قادة حماس تصريح "بوهلر" هذا، فلا خبر، ولا بيان، ولا تصريح، بل صمت صريح.

لا تريد حماس في هذا المقترح "المبادرة" التي قدمتها لواشنطن، لا "سلاح المقاومة" فقط، وإنما كذلك لا تريد  أي سلاح آخر، وتحت أي تسمية كان، فهي لا تريد، أي مظهر عسكري  في قطاع غزة، إضافة إلى ذلك  تعلن حماس في هذا المقترح، أنها  ستكون منزوعة الدسم السياسي، فلا أي مشاركة لها في أمور السياسة.

ولا شك أن "حماس" في عرض التعري المغري هذا، لا تريد غير أمر واحد، الرضا الأميركي، لتكون مديرة لشؤون البلديات في قطاع غزة. إذ هي بمقترحها ذاته، لا تريد أي دور سياسي لها في إدارتها الحاكمة هذه للقطاع المكلوم.

على أسامة حمدان والحالة هذه، أن يبحث عن وسيلة "للحس" تصريحاته عن "سلاح المقاومة"، بأنه خارج النقاش، والحقيقة أن هذا السلاح قد اتضح  أنه خارج النقاش حقًا، لكن طبعًا بمعنى أنه بات غير ذي صلة، بأي تفاهمات مقبلة في هذا الإطار، فقد أسقط  المقترح الحمساوي السلاح  مقدمًا، بلا أي نقاش، وحتى، قبل أن يحظى هذا المقترح بأي وعود تذكر.

لم يعد لحماس ما تنزعه بعد، فهذا المقترح قد أسقط كل أقاويلها، واستعراضاتها الدعائية، لا عن طوفانها فحسب، وإنما عن كل ما قالته، وتقوله عن المقاومة، وقد طرحها عارية تمامًا على طاولة واشنطن.

لا سلاح، ولا أنفاق، ولا أنشطة عسكرية، ولا سياسة، فقط أن تكون حاكمة لبلديات القطاع، ولربما يقنع هذا العرض واشنطن فيما بعد، أن تكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، بذات التنازلات التي جاءت في مقترحها المهين هذا.

هذه باختصار، هي حكاية العبث، والوهم الحمساوية، هذه هي حكاية "حماس" التي لا تنفك خلالها عن الهرب من مواجهة الحقيقة، والتعاطي مع الواقع، والابتعاد أكثر وأكثر عن طريق الوطنية الفلسطينية، ولا عزاء للواهمين السائرين في دروب العبث والفوضى.