يخوض شعبنا الفلسطيني حرباً وجودية شرسة على جميع المستويات، حيث لا تقتصر المعركة على القتال العسكري فحسب، بل تمتد إلى أبعادٍ سياسية، اقتصادية، وثقافية، في محاولة منهجية لاجتثاث جذور القضية الفلسطينية وطمس حقنا التاريخي في الأرض. الحرب العسكرية، التي تُعد إحدى أدوات هذه الحرب الشاملة، لا تزال خياراً مطروحاً على الطاولة، لكن الظروف الإقليمية والدولية تشير إلى أنها قد تكون الخيار الأخير، خاصة في ظل التغيرات التي يشهدها العالم اليوم.
التطورات السياسية على الساحة الدولية، وعلى رأسها عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، تعزز من المخاوف إزاء السياسات الأميركية المنحازة بالكامل لصالح الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية. فترامب لم يُخفِ يوماً مواقفه الداعمة للاستيطان، والتصفية التدريجية للحق الفلسطيني، وهو ما قد يفتح الباب أمام مزيد من الضغوط التي تواجه قضيتنا.
في ظل هذه المعطيات، فإن أي محاولة لإعادة شن حرب إبادة جديدة ضد شعبنا تتوقف على عدة عوامل، أبرزها الموقف العربي والدولي، ومدى قدرة الفلسطينيين على الصمود وتوحيد صفوفهم لمواجهة التحديات المقبلة. الانتصار الحقيقي الممكن في هذه المرحلة لا يتمثل في تحقيق انتصارات عسكرية بقدر ما يكمن في توحيد الموقف العربي والدولي حول القضية الفلسطينية، والضغط على جميع الأطراف لتعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية، وتمكين مؤسساتها من العمل بحرية داخل قطاع غزة، لضمان استمرار المسيرة النضالية والحفاظ على مكتسبات الثورة الفلسطينية الممتدة لعقود.
إن دعم وإغاثة شعبنا أمر ضروري ومطلوب، لكنه لا ينفصل عن الهدف الأسمى، وهو حماية وجود الفلسطينيين على أرضهم. فالمساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي إذا لم تكن جزءاً من مشروع وطني شامل يحفظ حقوقنا التاريخية ويؤسس لمرحلة جديدة من النضال السياسي والميداني، تُرسِّخ وجودنا في وجه مخططات التهجير والاقتلاع.
اليوم، ونحن أمام مفترق طرق حاسم، فإن مسؤولية الجميع- منظمة التحرير، الفصائل، القوى الوطنية، والدول العربية- تكمن في ضمان وحدة الصف، وتعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم، والتصدي لمحاولات تصفية القضية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها