شهدت قمة القاهرة الطارئة أمس الثلاثاء 4 آذار/مارس مواقف عربية سياسية وعملية من مختلف الزعماء العرب إيجابية دعمًا للشعب الفلسطيني، وقيادة منظمة التحرير، والرفض الفردي والمشترك للتهجير القسري للفلسطينيين من وطنهم الأم، وتبنوا جميعًا دعم الخطة المصرية الفلسطينية العربية لإعادة الإعمار في قطاع غزة، وأكدوا على ضرورة إلزام إسرائيل بالتراجع عن وقف دخول المساعدات الإنسانية بكافة عناوينها للقطاع الغذائية والإيوائية والدوائية والمستلزمات الطبية، وطالبوا بوقف العدوان والإبادة الجماعية بشكل دائم، وضرورة استكمال تنفيذ مراحل اتفاق الدوحة واتمام تبادل الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وتولي منظمة التحرير الفلسطينية والدولة والحكومة مسؤولياتها السياسية والقانونية والأمنية واللوجستية في قطاع غزة، وتشكيل لجنة من شخصيات فلسطينية تابعة لحكومة د. محمد مصطفى لتولي مهام المسائل الإيوائية والتمهيد لعملية إعادة الإعمار من خلال التعاون مع لجنة عربية إسلامية، وضمنيًا تضمن البيان الختامي بنقاطه الـ18 المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ضرورة تنحي حركة حماس عن المشهد السياسي والأمني في قطاع غزة، ووضع أسلحتها في مخازن تحت سيطرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية والعربية، ومطالبة إسرائيل بوقف عدوانها المتواصل منذ قرابة 45 يومًا على محافظات الضفة الفلسطينية، وكذلك الالتزام بالوضع التاريخي للقدس العاصمة الفلسطينية وخاصة في المسجد الأقصى المبارك، وأكدوا على وحدة أراضي دولة فلسطين تحت قيادة "م. ت. ف" الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

باختصار شمل البيان الختامي والكلمات التي أدلى بها الزعماء العرب وممثلوهم في القمة، مناحي القضية الفلسطينية، حيث أكدوا على الثوابت الوطنية الفلسطينية، وهو ما يعكس الاهتمام العربي الرسمي بقضية العرب المركزية، ولا يمكن للمستمع للبيان والكلمات، إلا أن يثمنها جميعًا. لكن على أهمية الكلمات العربية الرسمية، فإن القيادة والشعب الفلسطيني بحاجة إلى خطوات عملية تكرس ما تضمنه البيان الختامي، وتجسيده على الأرض، والزام إسرائيل دولة الإبادة بوقف الحرب بشكل دائم، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة دون قيد أو شرط، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، والكف عن خيار التهجير القسري لأبناء الشعب كافة من القطاع والضفة، ووقف العدوان على محافظات الضفة الغربية، وانسحاب قواتها من محافظات جنين وطولكرم وغيرها من المحافظات، ورفع حواجزها العسكرية من بين المحافظات والمدن والقرى والمخيمات، ووقف كامل للاستيطان الاستعماري، والذهاب للخيار السياسي وعقد المؤتمر الدولي للسلام لتكريس استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي هُجروا منها عام 1948 و1967.
ولدى الأشقاء العرب أوراق قوة عديدة وهامة ومؤثرة، يستطيعون من خلال استخدامها الضغط على إسرائيل المارقة والخارجة على القانون وعلى من يقف خلفها ويدعمها بتنفيذ كافة النقاط الواردة، وبالاستفادة من المواقف الدولية عمومًا والاتحاد الأوروبي خصوصًا بالإضافة لمواقف الأقطاب الدولية وخاصة الصين وروسيا الاتحادية يمكن تحقيق الأهداف المعلنة.

وعلى صعيدٍ آخر، أعتقد جازمًا أن ما تضمنته كلمة الرئيس أبو مازن أمام القمة، تعتبر نقلة هامة على طريق ترميم الوضع الداخلي الفلسطيني على الصعيد الفتحاوي والوطني عمومًا، وخاصة على طريق تفعيل وتطوير الهيئات القيادية في منظمة التحرير، وفتح الأفق أمام الوحدة الوطنية تحت رايتها، ووفق برنامجها السياسي والتنظيمي والكفاحي، على أن يساهم الأشقاء العرب وخاصة مصر وقطر وغيرها من الدول الإسلامية وتحديدًا تركيا في الضغط على حركة حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي للانضواء تحت راية المنظمة، وعقد المجلس الوطني لاشتقاق برامج تستجيب على المستويات كافة لمواجهة التحديات كافة الإسرائيلية والأميركية، والخروج من نفق الأزمات العامة في الساحة الفلسطينية وإعادة لم الشمل الفلسطيني تحت راية الشرعية الوطنية الممثلة بالمنظمة.
مما لا شك فيه، أن كلمة الرئيس عباس كانت هامة في الجوانب المختلفة التي تعرض لها، وخاصة فيما يتعلق باستنهاض الحالة الفلسطينية وإخراجها من حالة التعثر والإرباك نحو آفاق وطنية جديدة ونوعية تعزز من مكانة القضية والنظام السياسي والأهداف الوطنية كافة. ومن المؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستشهد عقد جلسة للمجلس المركزي للمنظمة ليشق طريق الإصلاح والتطوير لمؤسساتها القيادية وبرامجها كافة.