لم تتوقف الحركة الصهيونية في أي يوم من الأيام عن التعبير، عن رغبتها في تصحيح ما اعتبرته فشل أو خطأ حصل في عام 1948 عام النكبة، وعدم القضاء أو تهجير جميع الفلسطينيين خارج فلسطين وتطهير الأرض من أصحابها الأصليين.
إن الرغبة في تطهير الأرض من أصحابها رافقت الحركة الصهيونية، لا سيما وأنها لم تستكمل مشروعها بتنفيذ الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين ومنذ اللحظة الأولى كان وما زال سلوك الحركة الصهيونية والعمل بشكل حثيث عام 1948، والجرائم التي ارتكبت، وعمليات المحو والتدمير وتهجير الفلسطينيين بالقوة.
ولم يسمح لهم بالعودة على الرغم من القرارات الدولية وحق الفلسطينيين في العودة. وخلال الـ76 عامًا الماضية، لم يتغير الخطاب الصهيوني كذلك السياسات، وأن الترانسفير يعتبر غير شرعي، ولكن ظل الفلسطينيون يعيشون النكبة والظلم التاريخي يرافقهم وتواطؤ العالم شجع إسرائيل على إنكار وجود النكبة الفلسطينية ذاتها.
وحتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لم يتغير الخطاب الصهيوني، سواء من اليمين أو من الوسط ويساره، وشهدت الضفة الغربية عمليات تهجير للفلسطينيين من مناطق سكنهم وازدادت في خطاب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش وسياساته وتبنيه خطة الحسم لضم الضفة الغربية وفرض السيادة عليها.
كما وازداد الخطاب الإسرائيلي شراسة وغطرسة، بعد تشجيع الإدارة الأميركية ورئيسها ووزير خارجيتها ذلك الخطاب والضغط على مصر بفتح معبر رفح كممر إنساني لخروج الفلسطينيين من قطاع غزة، لكن الحقيقة أنها كانت دعوة لتسهيل هجرتهم.
هذا الخطاب أخذ زخمًا كبيرًا من عدد من المسؤولين الإسرائيليين وكتب عضوي الكنيست داني دانون العضو في حزب الليكود وعضو لجنة الخارجية والأمن سابقًا في الكنيست الإسرائيلي، ويشغل الآن مندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة، وزميله في الكنيست واللجنة ذاتها رام بن باراك من حزب يش عتيد الذي شغل منصب نائب رئيس جهاز الموساد سابقاً ونشر المقال في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، اقترحًا فيه مبادرة جديدة بشأن قطاع غزّة، تنص على تنفيذ تهجير طوعي لسكان القطاع الفلسطينيين إلى عدد من الدول.
وخلال حرب الإبادة نشر الجنرال في الاحتياط ورئيس مجلس لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غيور أيلاند. الذي عمل كباحث مشارك أول في معهد دراسات الأمن القومي، خطة الجنرالات بالتهجير الطوعي لأهالي قطاع غزة إلى مصر، وتنص خطة الجنرالات على التجويع وترحيل سكان شمال القطاع، والتدمير الهائل لأحياء بأكملها في القطاع، كل ذلك تم تلخيصه في ما وصفه رئيس الأركان السابق موشيه (بوغي) يعالون، بالتطهير العرقي.
وجاءت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستكمال ما لم تستطع الحركة الصهيونية من تحقيقه خلال النكبة الأولى وتحاول تنفيذه بنكبة ثانية من خلال حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 16 شهراً.
ورافق ذاك هجوم شرس وخطير، ضد الأونروا تمخض عنه تسريع قانونين لوقف عملها في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وخلال الفترة الماضية شنت إسرائيل هجوم شرس وحملة تحريض وادعاءات على الوكالة.
كما وواصلت شن حملتها العسكرية الإجرامية على مخيمات اللاجئين شمال الصفة الغربية في محاولة نقل النكبة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وتهجير الآلاف من المواطنين، بعد أن دمر جيش الاحتلال بيوتهم وممتلكاتهم والبنى التحية في مدن وقرى عدة من الضفة.
وكان قد هدد وزير الأمن يسرائيل كاتس أنه في العام المقبل لن يُسمح لـ40 ألف فلسطيني الذين اجبروا على النزوح من المخيمات في الضفة بالعودة إلى منازلهم.
وتنسجم الحملة العسكرية الإسرائيلية على مخيمات اللاجئين في شمال الضفة مع الاتجاه نفسه. لأنها محاولة لتهجير المواطنين وإعادة هندسة المخيمات بطريقة أمنية جديدة ونزع روحها، ومحاولة كي وعي الناس وحتى استذكار النكبة.
في الحقيقة يتعلق الخطاب الصهيوني منذ بداية المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، ةالذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، بانكار خطاب الإبادة الفعلية للفلسطينيين في القطاع، بشكل عام.
إن خطاب التهجير القسري والتطهير العرقي هو ممارسة وسلوك نابع من الفكر والخطاب الصهيوني وضمن الأهداف المعلنة وغير المعلنة للحركة الصهيونية التي لم تتوقف عن المحاولة، وأن حرب الإبادة المستمرة هي دليل واضح على ذلك.
وأن كل ما جرى هو هدف رئيسي من أهداف الحرب التي لم يتم تنفيذها في 1948 وتم تنفيذها الآن. ومع ذلك يدرك الإسرائيليون أن الواقع غير ذلك، وأن فكرة وخطة سمسار العقارات ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة، لا توجد فرصة لتحقيقها، فهذا غير ممكن وعليه أن يقتل جميع الفلسطينيين لكي يتمكن من ترحيلهم وأخذ غزة منهم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها