عندما أطلق الرئيس أبو مازن على قاعة المؤتمرات في مقر الرئاسة، اسم القائد الوطني الفلسطيني، أحمد الشقيري، فإنه كان يريد من وراء ذلك، إشهار تقدير الوطنية الفلسطينية، واعتزازها، بأحد أبرز صُناع هوية هذه الوطنية، بمعانيها السياسية، والنضالية، وتحضرها الإنساني، وتجسيدها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي سرعان ما باتت بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، في عام 65 من القرن الماضي، ودخول فصائل هذه الثورة إلى إطارها الجامع، سرعان ما باتت المنظمة، وبحكم تجسيدها للقرار الوطني المستقل، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بإقرار عربي رسمي في قمة الرباط عام 1974 من القرن الماضي، وتوالت بعدها الاعترافات الدولية بالمنظمة بصفتها هذه، وباتت مكاتبها سفارات لدولة فلسطين، حتى تحصلت على مقعد الدولة المراقب، في هيئة الأمم المتحدة، ولها اليوم العضوية الكاملة والفاعلة، في العشرات من المؤسسات، والهيئات، والاتفاقيات الدولية، ولطالما كان الرئيس أبومازن وما زال يشدد على حرف الواو في هذه الجملة، الشرعي (و) الوحيد، كأنه واو القسم ليس إلا، وهو تشديد في صيغة المجاز، يشبه إلى حد كبير، ما كان يردده على الدوام الشهيد الخالد ياسر عرفات "يا جبل ما يهزك ريح" كلما كانت هناك محاولات للنيل من منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يكن أبو عمار يبالغ في ذلك، والواقع أن منظمة التحرير مع واو القسم للرئيس أبو مازن، هي هذا الجبل، الذي تدور من حوله في وديان العبث، جماعات لا تتهيب صعود الجبال فقط، وإنما لا تحسن الصعود أبدًا، لتظل دائمًا تتلوى بين الحفر.
نعرف أن للجبل مسارب ودروبًا صعبة، ومسالك يعتريها الخلل، ولا بد من معالجتها غير أن هذه المعالجة، ستكون فاعلة ومنتجة، إذا ما كانت من داخل أطر الجبل وهيئاته، ولغاية تعزيزه مصدًا لكل أنواع الرياح الخبيثة. وبمعنى أن تكون المعالجة، هي معالجة الجبل، لا معالجة الوديان، بثرثراتها العبثية، كالتي دارت خلال اليومين الماضيين، في قاعة مؤتمرات الخمس نجوم، التي عقدها صاحب تنظيرات "العربي الجديد" عربي العولمة الفاحشة التي لا تبغي أي هويات وطنية.
الإصلاح غايتنا دائمًا كلما كان هناك عطل ما، لكنه لن يكون بأدوات تلهث وراء الأوهام، وخلف تسوية حساباتها الشخصية، وغيرها من حسابات مريضة، وحقًا يا جبل ما يهزك ريح.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها