لا يمكن مواجهة خطة ترمب ونتنياهو الرامية لتهجير الناس من غزة، ببيانات الشجب والإدانة، بل إن الحل الوحيد والأمثل لمواجهة تلك الخطة، هو البدء الفوري بعملية إعمار القطاع، وتوفير بيئة صالحة للعيش، وإعادة بناء المدارس والمستشفيات، وفق رؤية عربية واحدة هدفها تعزيز صمود الناس، وتوفير الحد الأدنى من ظروف الحياة ومقومات العيش، وهذا وحده الرد الحقيقي والفعلي لكل خطط التهجير، وما دون ذلك يبقى مجرد كلام في الهباء.
صحيح أن تصريحات ترمب أربكت المنطقة كلها، إلا أن مواجهتها أمر حتمي، لا مفر منه، ولا يمكن مواجهة الخطط بالخطابات والتصريحات، بل بمشروع عربي وإقليمي ودولي هدفه إعادة إعمار وبناء ما دمره الاحتلال، خلال أشهر العدوان وحرب الإبادة، وهذا يستدعي بالأساس موقفاً عربياً جامعاً من خلال القمة العربية المزمع عقدها في الثامن عشر من الشهر الجاري، وتمكين السلطة الفلسطينية من قيادة مشروع الإعمار العربي، لتوحيد الموقف الفلسطيني وتمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية، ليس من باب الممكن بل من باب الواجب الوطني لدرء مخاطر التهجير القسري وفق خطة ترمب نتنياهو.
الخطر الذي يهدد مستقبل الناس في غزة، يهدد مستقبل المنطقة برمتها، وهذه التصريحات الترمبية جنون غير معقول ولا مسبوق، وقد كرر دعوته للتهجير في أكثر من مرة، وهذا يعني أنها ليست زلة لسان، بل خطة أعدها فريقه بالتشاور مع حكومة نتنياهو المتطرفة، في تساوق علني في عملية التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وهذا يهدد دول الجوار، كما يهدد المنظومة الدولية برمتها.
موقف الرئيس الأميركي وتصريحاته ليست قدراً، ومواجهتها ضرورة وطنية قومية عربية وإنسانية، وهذا يستدعي البدء الفوري بإعادة الإعمار وبناء ما دمره الاحتلال، وتحسين ظروف العيش وإعادة الحياة إلى القطاع في أسرع وقت ممكن، وأن لا يبقى الحال على ما هو عليه الآن، فغزة فاقدة لأهلية العيش، ولتحقيق الصمود وجب تمكين الناس من خلال توفير الاحتياجات الأساسية من مسكن وعلاج وغذاء ودواء، لهذا فإن عملية الإعمار الرد الأمثل على كل الخطط الترمبية.
المواقف العربية وبعض المواقف الدولية عبرت عن رفضها لمشروع ترمب في غزة، وهذا مهم لكنه يجب أن يترافق بعمل جاد وفعلي على الأرض، وأن لا تبقى عملية الرفض مجرد حبر على ورق أو تصريحات في أفواه المسؤولين.
الناس في غزة صنعوا معجزة الصبر والصمود، وهم متشبثون بموقفهم رغم أن غزة اليوم فاقدة لأهلية العيش، إلا أنهم متمسكون بحقهم بالبقاء فيها، ويرفضون كل محاولات التهجير والتطهير العرقي، وهم يتطلعون في الوقت ذاته لمواقف عربية داعمة أكثر من أي وقت مضى، في هذا الظرف الاستثنائي، وهذا الخطر الحقيقي الذي يتهدد وجودهم ويتهدد مستقبل القضية الفلسطينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها