أسلوب عمدت إسرائيل القيام به ضد السلطة الوطنية الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في الضفة الغربية حيث يقوم هذا الأسلوب على تعزيز الفوضى وتأجيج الصراعات الداخلية الفلسطينية وزرع الشكوك في صفوف الشعب بأن يستخدم الدعم العلني كأداة لإضعاف.
شرعية السلطة وأجهزتها الأمنية أمام شعبها، وبالتالي خلق انطباع لدى الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية بأن السلطة تتلقى دعم من إسرائيل مما يؤدي إلى:

1- إضعاف ثقة الشعب في قيادته: عندما يظهر أن القيادة "مدعومة" من عدو مثل إسرائيل، قد يتهمها الشعب بالخيانة أو العمالة.

2- إضفاء الشرعية على الخارجين عن القانون: الدعم الإسرائيلي لعدوي يجعل الخارجين عن القانون يبدون وكأنهم الطرف "الوطني" أو "المقاوم" الحقيقي، ما يكسبهم تعاطفاً شعبياً.

3- إطالة أمد الصراع الداخلي: من خلال التشكيك في نوايا القيادة ورفع معنويات الخارجين عن القانون، واستمرار حالة عدم الاستقرار وإضعاف السلطة المركزية.

وهذا التكتيك يعرف "بإدارة الفوضى" والتي من خلالها يتم توظيف الصراعات الداخلية لتحقيق مكاسب أمنية دون الحاجة للتدخل المباشر في الضفة الغربية. وهذا جزء من الفوضى الخلافة التي تسعى أميركا لتنفيذها في الدول العربية والتي فعلاً نفذت عام 2011 بما عرف بثورات الربيع العربي وقد استكمل هذا التكتيك قريبًا في سوريا وتم إسقاط النظام السوري وهروب بشار الأسد لموسكو.

لقد دأبت إسرائيل على ممارسة هذا التكتيك ضد السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بأساليب عدة من الحرب النفسية والسياسية والتي تهدف من خلالها إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وبكل منظوماتها السياسية والعسكرية والأمنية باستغلال أي صراع سياسي فلسطيني لتعميقه وتحويله لأداة تخدم مصالحها وأجنداتها وكان الانقسام بين غزة والضفة الغربية وانقلاب حماس على السلطة في قطاع غزة وانتهائها بحرب الإبادة الجماعية المستمرة في القطاع، ماهي إلا باب من هذه الاستراتيجية الإسرائيلية ضد السلطة لتقويض المشروع الوطني لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
والآن عاودت إسرائيل لهذا التكتيك وهذه الاستراتيجية لخلق واقع مناسب لها في الضفة الغربية وخاصة عندما تباشر السلطة حملة أمنية ضد الجماعات المسلحة والخارجة عن القانون الفلسطيني، قامت إسرائيل بدعم هذه الحملات بشكل علني إعلاميًا من خلال الأبواق الإعلامية المشبوهة وعلى رأسها قناة الجزيرة وليس من باب تعزيز السلطة بل لتشويه صورتها أمام شعبها وإظهارها كأداة إسرائيلية، وفي المقابل تصوير تلك الجماعات الخارجة عن القانون والمدعومة من إيران كأبطال ومقاوميين وهذا طبعًا عمق وزاد الفجوة بين السلطة وشعبها في الضفة الغربية، وبالتالي إضاف شرعيتها، مما يخدم المصلحة الإسرائيلية في بقاء الصف الفلسطيني منقسم وغير قادر على مواجهة الاحتلال بوحدة الصف والقوة.

وهنا تبرز أهمية الوعي الوطني لدى شعبنا بكل هذه الخطط والأجندات والمؤامرات ضده، وضد مشروعه الوطني.
وإن إدراك هذه التكتيكات الخبيثة يُعد واجبًا وطنيًا يتطلب من الجميع الوقوف صفًا واحدًا خلف السلطة الفلسطينية، ودعم جهودها في محاربة الفوضى وحماية أمن المجتمع. فالوحدة الوطنية والتكاتف الشعبي هما السبيل الوحيد لإفشال المخططات الإسرائيلية التي تسعى إلى تشويه صورة النضال الفلسطيني وزرع الشقاق بين أبنائه.
على الشعب الفلسطيني أن يدرك أن قوته تكمن في وحدته، وأن أي انجرار وراء هذه المخططات لن يخدم سوى الاحتلال ومصالحه الاستعمارية.