أخذ الحق الفلسطيني (القضية الفلسطينية) وسيلة لبسط نفوذ هذه الدولة أو تلك، وتحقيق مكاسب سياسية داخلية، واختراقات إقليمية، وإنشاء قواعد تابعة، ليس ماليًا ولوجستيًا وحسب بل بنشر مفاهيم مستخلصة من خلطات خاصة حسبتها بميزان دقيق مرجعيات طائفية ومذهبية، وسياسية، لتسهيل عملية شق وحدة الشعب الفلسطيني الوطنية، وإضعاف جبهته الداخلية، تمهيدًا لضرب حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وإسقاط المشروع الوطني، وسلب القرار الفلسطيني ليكون ورقة رابحة في المساومة مع دول استعمارية كبرى، أما النظام الفارسي في طهران، فتدخلاته، ومحاولة تكريس وجوده عمليًا على أرض فلسطين، عبر ظهور مجموعات فلسطينية مسلحة، تعلن ولاءها جهارًا نهارًا لطهران من جهة، ومن الجهة الأخرى (داعش) المصنعة في مختبرات ملالي واستخبارات طهران، مجموعات ظهرت في ذروة حملة الإبادة الصهيونية على الشعب الفلسطيني، وتسللت إلى مخيمات فلسطينية، وتموضعت فيها، وتتلقى أوامرها الممولة من ضباط (فيلق القدس)، لتبدأ في مراكمة ذرائع، تحتاجها منظومة الاحتلال لتنفيذ الجزء الآخر من خطة الإبادة والتهجير القسري في الضفة الفلسطينية بعد غزة. فهؤلاء معنيون بتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، ومنع الشعب الفلسطيني من تحقيق هدف الحرية وقيام دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، لتبقى قضية ما يدعونه (الجهاد والمقاومة) من أجل فلسطين، حجتهم الأعظم والأشد تأثيرًا، لاستمرار آلية قمع الشعب الإيراني والتنكيل بأحراره، ونهب ثرواته، وتبديدها بحجة تصدير "الثورة الإيرانية" وليس من باب المصادفة، إنزال هذه المجموعات في شوارع المدن والمخيمات الفلسطينية، بالتزامن مع سقوط آخر أحجار (دومينو) محورهم الهش. لتسلب وتنهب ممتلكات حكومية رسمية، وتطلق النار على مقرات المؤسسة الأمنية الفلسطينية، وتروع المرضى والمواطنين في مستشفيات مدينة جنين، وتهدد أرواحهم وممتلكاتهم، وتزرع عبوات، وسيارات مفخخة بالمتفجرات في شوارع عامة تعج بالمواطنين، وتعلن بشرائط مصورة (فيديوهات) مسؤوليتها ومبايعتها لملالي الفرس في إيران، وداعش، والباعث على الريبة التي استدعت تدخلاً سريعًا من المؤسسة المكلفة بإنفاذ القانون، وحماية المواطنين من العبث بأرواحهم وممتلكاتهم، ولوأد الذرائع التي تنتظر أقدام هذه المجموعات على وضعها على سلة من ذهب، وتقديمها لحكومة منظومة الصهيونية الدينية، لاستكمال المرحلة الأخرى من الإبادة، ونسف المشروع الوطني واقتلاعه من جذوره، فهذه المجموعات الخارجة عن القانون، نزلت بعملية إرهاب وإرعاب غير مسبوقة، وكل ذلك على مرأى ومسمع أجهزة استخبارات منظومة الاحتلال (إسرائيل) التي تراقب وتعلم كل صغيرة وكبيرة، بل وتقصف وتغتال من تعتبره تهديدًا، وهنا وفي اللحظة المناسبة اقتضت المسؤولية الوطنية، والمصالح العليا للشعب الفلسطيني تدخل سلطة القانون الفلسطيني، والمؤسسة المكلفة بإنفاذه لاجتثاث هذه الحالة المسيرة من طهران، لكن وبنفس اللحظة، أطلقت فضائية كبرى، لطالما جبلت رسائلها الاعلامية بالخديعة والتضليل والكذب على الناس، حملة مساندة وتغطية للخارجين عن القانون، تمامًا كما فعلت في مرات سابقة عندما ساهمت بتهيئة كل الأرهاصات اللازمة لتبرير انقلاب حماس الدموي سنة ألفين وسبعة، وإنشاء وتكوين الذرائع لمنظومة الاحتلال قبل وأثناء جريمة الإبادة والتدمير المستمرة منذ السابع من اكتوبر من السنة الماضية.

إن خروج جماعة مسلحة عن القانون الفلسطيني، ومحاولة أفرادها كسر ذراع  السلطة الوطنية  الفلسطينية، وإضعاف هيبة القانون والمؤسسة الأمنية، مستترة برموز مموهة بشعارات وطنية، وتطوع البعض كجنود مطيعين لخدمة أجندات دول وقوى إقليمية، بمسارات متعددة عبر تشكيل جماعات مسلحة، أو جماعات سياسية، أو منظمات مموهة بعناوين نبيلة، أسماء لكنها في الأصل أشبه بكلمات سر صممت بمعرفة ما يسمى (الحرس الثوري الإيراني)، لا يمكن إغفال خطرها الجسيم، في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ كفاح الشعب الفلسطيني، لذا فإن الضمير الوطني يحتم علينا موقفًا أخلاقيًا، وطنيًا مع ضباط وأفراد المؤسسة ألأمنية، الذين نثق بقدرتهم على إنفاذ القانون، وتخليص شعبنا من خارجين عن القانون، يسعون لأخذ المخيم  والمدينة في الضفة الفلسطينية، إلى مصير، طبق الأصل، لمصير مخيمات ومدن وبلدات قطاع غزة.