إسرائيل تطرح مشروع مدينة سياحية في غزة وأسمته نوفا ستي على اعتبار أن غزة سقطت وإلى الأبد في أيدي الإسرائيليين، والحقيقة أن إسرائيل كلما أعلنت منطقة مطهرة خرجت عليها الفصائل الفلسطينية بتكتيكات أكثر فتكًا وربما يساعد في ذلك أكوام الركام التي تشكل سواتر لهم، هذا الركام الذي سيلعب دورًا بارزًا في بناء المدينة الجديدة وربما يستخدم لتوسعة ميناء أسدود بغية إعداده ليفي بدوره في نقل البضائع الواردة من آسيا إلى أوروبا.

الحقيقة أن الحرب لم تنتهي بعد وإن افترضنا أنها ستنتهي لصالح إسرائيل وأن بإمكان إسرائيل قرصنة حتى الركام الذي أحدثته فماذا ستصنع بكل هذا الركام؟ فقد ثبت أن إسرائيل تسعى لنقل من يبقى على قيد الحياة من سكان القطاع إلى دول أخرى تسهيلاً لإنجاز مشاريعها التوسعية.

فمشروع المدينة السياحية هو غطاء لتنفيذ خطة الجنرالات من جهة وتوفير الظروف لقرصنة مقدرات قطاع غزة من النفط والغاز إضافة إلى تهيئة الأجواء لإنجاز مشروع طريق التجارة بين آسيا وأوروبا عبر الإمارات والسعودية ثم الأردن فإسرائيل.

إن الصمود الأسطوري في غزة إن لم نقل أحبط هذه المشاريع فإنه عطلها لفترة ليست بالقصيرة. ولكن لا يجوز التراخي ولا المراهنة على أن أميركا ومعها بعض حكومات الغرب سيعملون على إيجاد حلول تضمن للشعب الفلسطيني حق تقرير مصيره، إن من صدق محرقة لم يرها حتى وإن كانت قد حصلت ويكذب محرقة يراها من على شاشات التلفزة وليس هذا فحسب بل إن أميركا تشارك بشكل مباشر في الحرب، أما الأوروبيين الذين يبيحون قتل المدنيين لا يمكن أن يكونوا مع أنصاف الشعب الفلسطيني.

إن غياب الفعل العربي وتواطؤ بعض دول الغرب يعقد مهمة الشعب الفلسطيني في إنجاز حرية ووضع حد للتعامل مع سكان قطاع غزة على أنهم ركام، ومن أجل أن لا يبقى الحديث في إطاره النظري فإن على قيادة الشعب الفلسطيني والمتمثلة في منظمة التحرير أن تحث الخطى على طريق إنجاز المصالحات الفلسطينية والعمل على استيعاب الفصائل على قاعدة الميثاق الوطني.

وفي أثناء ذلك لا بد من تكثيف الجهود الفلسطينية الرسمية والشعبية باتجاه تحصين الشعب الفلسطيني في الضفة من خلال توفير حياة كريمة إضافة إلى العمل مع كل الجهات الإقليمية والدولية لتوفير المأوى والمأكل والملبس لسكان القطاع الحبيب إلى حين توفر الظروف لإعادة الإعمار إضافة إلى تأهيل المشافي وتوفير كل المستلزمات من الأدوية والمعدات الكفيلة بالتخفيف من آلام من دفعوا أغلى الأثمان دفاعًا عن كل الشعب الفلسطيني وعن الأمتين العربية والإسلامية. إضافة إلى البحث عن طرق خلاقة لتوفير فرص عمل لعمالنا الذين منذ عام ونيف عاطلين عن العمل مما وضعهم وأسرهم أمام تحديات صعبة إضافة إلى أن عمال الداخل كانوا يشكلون رافدًا مهمًا من روافد الاقتصاد الفلسطيني، وتوفير فرص عمل سيسهم في تحسين ظروفهم والمساهمة في تحسين الاقتصاد الفلسطيني.

ضرورة البحث مع المؤسسات الدولية عن إمكانية البدء بتأهيل المدارس وإن تعذر توفير كرافانات بشكل مؤقت من أجل إعادة الحياة التعليمية إلى القطاع الحبيب، إن تخريب التعليم يشكل واحدة من أولويات الاحتلال، وكما قال عبد الناصر احتلال الأوطان يمكن مقاومته وإنهائه أما احتلال العقول فهو أبدي.

وفي الختام أعيد وأكرر بأننا لا يجب أن ننجر وراء انتصارات وهمية للعدو تحبطنا وفي ذات الوقت أن لا نبالغ في إمكانيات شعبنا حتى لا نحبط عندما نعرف قدراته الحقيقية.

النصر لفلسطين والخزي للاحتلال وأعوانه.